لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون .
[89] لا يؤاخذكم الله باللغو كائنا.
في أيمانكم تقدم تفسيره واختلاف الأئمة فيه في سورة البقرة عند تفسير نظير هذه الآية. [ ص: 335 ]
ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان قرأ حمزة، والكسائي، وخلف، (عقدتم) بالقصر والتخفيف، ورواه وأبو بكر: عن ابن ذكوان كذلك، إلا أنه بألف بعد العين، وقرأ الباقون: بالتشديد من غير ألف، وعقد اليمين: توثيقها باللفظ مع العزم عليها. المعنى: إنما يؤاخذكم بيمينكم إذا حنثتم فيها. ابن عامر
فكفارته أي: ستر الحنث.
إطعام عشرة مساكين .
واختلفوا في قدر الكفارة وحكمها:
فقال نصف صاع بر لكل مسكين، أو صاع من شعير أو تمر أو زبيب، أو قيمة ذلك، والصاع ثمانية أرطال بالعراقي. أبو حنيفة:
وقال خمسة أرطال وثلث، أو يغديهم ويعشيهم، ولا بد من شبعهم في الأكلتين، ويجوز عنده صرفها إلى العبد والذمي، ولا يجوز عنده التكفير قبل الحنث. أبو يوسف:
وقال لكل مسكين مد من حنطة أو غيرها مما هو قوت لهم بالمد الأصغر بمد النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أخرج الكفارة بالمدينة، وفي بقية الأمصار وسط من الشبع، وهو رطلان بالبغدادي من الخبز، وشيء من الإدام. مالك:
وقال لكل مسكين مد حب من غالب قوت بلده. الشافعي:
وقال لكل مسكين مد من بر، أو مدان من شعير أو تمر أو [ ص: 336 ] زبيب، وقدر المد رطل وثلث عراقي، ورطل وسبع رطل وثلث سبع رطل مصري، وثلاث أواق وثلاثة أسباع أوقية دمشقية، وأوقيتان وستة أسباع أوقية حلبية، وأوقيتان وأربعة أسباع أوقية قدسية، ومئة وواحد وسبعون درهما وثلاثة أسباع درهم ومئة وعشرون مثقالا، ويأتي ذكر الصاع في سورة التوبة عند ذكر الزكاة إن شاء الله تعالى. أحمد:
واتفق مالك والشافعي على عدم جواز صرفها إلى رقيق وذمي، وعلى عدم جواز إخراج القيمة وغداء المساكين وعشائهم، وعلى أنه يجوز وأحمد التكفير قبل الحنث وبعده.
من أوسط ما تطعمون أهليكم خير قوت عيالكم.
أو كسوتهم فعند المقصود منها رد العري، فكل ثوب يصير به مكتسيا يسمى كسوة، وعند مالك إن كانوا رجالا، ثوبا ثوبا، وإن كن نساء، فثوبين ثوبين، درعا وخمارا لكل امرأة منهن، وعند الشافعي ما يسمى كسوة; كقميص، أو عمامة، أو إزار، وعند أبي حنيفة للرجل ثوب يجزئه أن يصلي فيه، وللمرأة درع وخمار. أحمد
واختلفوا فيما إذا أطعم خمسة وكسا خمسة، فقال أبو حنيفة يجزئه، وقال وأحمد: مالك لا يجزئه. والشافعي:
وكذلك اختلافهم فيما إذا أطعم من جنسين، فأطعم خمسة برا، وخمسة تمرا، أو خمسة برا، وخمسة شعيرا.
أو تحرير رقبة سليمة من كل عيب يضر بالعمل ضررا بينا بالاتفاق، [ ص: 337 ] والأئمة الثلاثة يشترطون الإيمان في عتق الرقبة قياسا على كفارة القتل، جوز عتق الرقبة الكافرة في جميع الكفارات سوى كفارة القتل، فالحانث مخير بين الإطعام والكسوة والتحرير بالاتفاق إن وجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله. وأبو حنيفة
فمن لم يجد واحدا منها.
فصيام ثلاثة أيام متتابعات عند أبي حنيفة وقال وأحمد، مالك في الأظهر: لا يجب التتابع. والشافعي
ذلك المذكور.
كفارة أيمانكم إذا حلفتم وحنثتم.
واحفظوا أيمانكم فلا تنكثوها إن لم تكن على ترك مندوب أو فعل مكروه، فإن كانت على شيء منها، فالأولى الحنث، قال -صلى الله عليه وسلم- "لا تسأل الإمارة; فإنك إن أوتيتها عن مسألة، وكلت إليها، وإن أوتيتها عن غير مسألة، أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فكفر عن يمينك، وأت الذي هو خير". لعبد الرحمن بن سمرة:
وقال -صلى الله عليه وسلم-: وقوله: "تحللتها" من التحلل، وهو [ ص: 338 ] التخلص من عهدة اليمين، والخروج من حرمتها إلى ما يحل منها بالكفارة. "إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها، إلا أتيت الذي هو خير منها، وتحللتها"
كذلك أي: مثل ذلك البيان.
يبين الله لكم آياته أعلام شرائعه.
لعلكم تشكرون نعمة التعليم.
* * *