الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين .

[107] ثم ظهر الإناء، واختلفوا في كيفية ظهوره، فروي عن ابن عباس: "أنه وجد بمكة، فقالوا: اشتريناه من تميم وعدي" وقال آخرون: لما طالت المدة، أظهراه، فبلغ ذلك بني سهم، فأتوهما في ذلك، فقالا: إنا كنا قد اشترينا منه هذا، فقالوا: ألم تزعما أن صاحبنا لم يبع شيئا من [ ص: 355 ] متاعه؟! قالا: لم يكن عندنا بينة، وكرهنا أن نقر لكم به، فكتمنا ذلك، فرفعوهما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله عز وجل:

فإن عثر اطلع، وأصل العثرة: الوقوع على الشيء.

على أنهما استحقا إثما أي: فعلا ما أوجب إثما بخيانتهما وبأيمانهما الكاذبة.

فآخران من أولياء الميت.

يقومان مقامهما أي: مقام اللذين خانا.

من الذين استحق عليهم الأوليان أي: استحق فيهم ولأجلهم الإثم، وهم ورثة الميت، استحق الحالفان بسببهما الإثم، و (على) بمعنى (في). قرأ حفص: (استحق) بفتح التاء والحاء، وقراءة العامة: بضم التاء على المجهول و (الأوليان) تثنية الأولى، والأولى هو الأقرب; أي: الأحق بالشهادة; لقرابته ومعرفته، وقرأ حمزة، وخلف، وأبو بكر عن عاصم، ويعقوب (الأولين) بالجمع، فيكون بدلا من (الذين)، والمراد منهم: أولياء الميت، ومعنى الآية على القراءات كلها: إذا ظهرت خيانة الحالفين يقوم اثنان آخران من أقارب الميت.

فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما أي: يميننا أحق من [ ص: 356 ] يمينهما; كقوله: فشهادة أحدهم [النور: 6]; أي: يمينه.

وما اعتدينا في قولنا: إن شهادتنا أحق من شهادتهما.

إنا إذا لمن الظالمين إن كنا حلفنا على باطل، وأخذنا ما ليس لنا، فلما نزلت الآية، قام عمرو بن العاص، والمطلب بن أبي وداعة السهميان، فحلفا بالله بعد صلاة العصر، ودفع الإناء إليهما وإلى أولياء الميت، فكان تميم الداري بعدما أسلم يقول: صدق الله ورسوله، أنا أخذت الإناء، فأتوب إلى الله وأستغفره.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية