الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا .

[6] ونزل في ثابت بن رفاعة، وفي عمه، وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه ثابتا وهو صغير، فجاء عمه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: إن ابن أخي يتيم في حجري، فما يحل لي من ماله، وما أدفع إليه؟ فأنزل الله عز وجل: وابتلوا أي: اختبروا.

اليتامى في عقولهم وتصرفاتهم في أموالهم.

حتى إذا بلغوا النكاح أي: صاروا أهلا أن ينكحوا أو ينكحوا، ويحصل البلوغ عند أبي حنيفة في حق الغلام بالاحتلام والإحبال والإنزال إذا وطئ، أو إكمال ثماني عشرة سنة، وفي حق الجارية بالحيض والاحتلام [ ص: 88 ] والحبل، أو إكمال سبع عشرة سنة، وعند مالك حد البلوغ في حقهما الاحتلام والإنبات والانتهاء من السن إلى ما يعلم بالعادة بلوغ من انتهى إلى مثله، ولم يحد مالك فيه حدا، ويزيد الإناث بالحيض والحمل، وعند الشافعي وأحمد حده في حقهما الاحتلام، أو إكمال خمس عشرة سنة، وتزيد الجارية بالحيض والحمل، وأما نبات الشعر، فعند الشافعي يقتضي الحكم ببلوغ الكافر دون المسلم، وعند أحمد يقتضي البلوغ مطلقا.

فإن آنستم أي: أبصرتم.

منهم رشدا هداية إلى مصالحهم، والرشد: الصلاح في المال فقط عند الثلاثة، وعند الشافعي إصلاح الدين والمال.

فادفعوا إليهم أموالهم من غير تأخير عن حد البلوغ.

ولا تأكلوها أيها الأوصياء.

إسرافا بغير حق.

وبدارا سراعا.

أن يكبروا أي: لا تبادروا بالتفريط في إنفاقها قبل أن يكبروا حذرا أن يبلغوا فيلزمكم تسليمها إليهم، ثم بين حال الأوصياء فقال:

ومن كان غنيا فليستعفف أي: يطلب العفة من نفسه، ويمتنع عن أكلها، والعفة: الامتناع مما لا يحل.

ومن كان فقيرا محتاجا إلى مال اليتيم، وهو يحفظه.

فليأكل بالمعروف يأخذ قدر أجرته إذا عمل. [ ص: 89 ]

فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم أمر إرشاد ليس بواجب فيشهد لتزول عنه التهمة.

وكفى بالله حسيبا كافيا.

التالي السابق


الخدمات العلمية