الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7049 7050 ص: وقد روي عن رسول الله -عليه السلام - في نفي الإعداء : ما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا مسدد ، قال : ثنا يحيى ، عن هشام ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن الحضرمي ، أن سعيد بن المسيب قال : "سألت سعدا عن الطيرة ، فانتهرني ، وقال : من حدثك ؟ فكرهت أن أحدثه ، فقال : سمعت رسول الله -عليه السلام - يقول : لا عدوى ولا طيرة " .

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا حبان ، قال : ثنا أبان ، قال : ثنا يحيى . . ... ، فذكر بإسناده مثله ، وزاد : " ولا هامة " . .

                                                التالي السابق


                                                ش: ذكر هذا الحديث وما بعده من الأحاديث شاهدة لصحة ما ذهب إليه من خالف أهل المقالة الأولى في قولهم : لا يورد الممرض على المصح ، وينبغي الفرار والاجتناب عن ذي داء وعاهة .

                                                وأخرج هذا الحديث من طريقين صحيحين ، وقد ذكرهما بعينهما عن قريب .

                                                وأخرج البزار في "مسنده " نحو الأول قال : ثنا محمد بن المثنى ، عن عبيد الله بن موسى ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن الحضرمي . . . . إلى آخره نحوه .

                                                وأبو داود نحو الثاني : ثنا موسى بن إسماعيل ، قال : ثنا أبان ، قال : ثنا يحيى ، أن الحضرمي بن لاحق حدثه ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن مالك أن رسول الله -عليه السلام - كان يقول : "لا هامة ولا عدوى ولا طيرة ، وإن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار " .

                                                [ ص: 77 ] قوله : "لا عدوى " اسم من الإعداء ، وقد فسرناه عن قريب .

                                                و"الطيرة " بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكن ، وهي التشاؤم بالشيء ، وهو مصدر تطير ، يقال : تطير طيرة كما يقال : تخير خيرة ولم يجئ من المصادر هكذا غيرهما ، وأصله فيما يقال : التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرهما ، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم ، فنفاه الشرع ، وأبطله ، ونهى عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضر .

                                                و"الهامة " : الرأس واسم طائر ، وهو المراد في الحديث ; وذلك أنهم كانوا يتشاءمون بها ، وهي من طير الليل ، وقيل : هي البومة ، وقيل : كانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة ، فتقول : اسقوني ، فإذا أدرك بثأره طارت . أو قيل : كانوا يزعمون أن عظام الميت -وقيل : روحه - تصير هامة فتطير ، ويسمونه : الصدى ، فنفاه الإسلام ونهاهم عنه . ذكره الهروي في الهاء والواو ، وذكره الجوهري في الهاء والباء .




                                                الخدمات العلمية