الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يفلس وله أم ولد ومدبرون أيأخذ الغرماء أموالهم قال ابن القاسم : وسألت مالكا عن الرجل يفلس ، وله أم ولد ومدبرون ولهم أموال ، أفترى أن يجبره الغرماء على أخذ أموالهم ؟

                                                                                                                                                                                      قال مالك : ليس ذلك لهم أن يجبروه على أخذ أموالهم في أداء دينه حين أفلس ، ولا يكون ذلك للغرماء .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : ولو أراد أن يأخذ أموالهم على غير هذا الوجه أخذها وإن أراد أن يأخذها لنفسه ، فإن ذلك له قال : قال مالك : ولو أراد أن يأخذه هو فيقضي دينه من غير أن يجبره الغرماء على ذلك ، لم أمنعه من ذلك .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت أم الولد إذا كان لها مال ، أيكون لسيدها أن يأخذ ذلك [ ص: 87 ] المال منها ؟ وقد قلتم في قول مالك : إنه ليس لسيدها فيها إلا الاستمتاع منها ببضعها .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : نعم ، له أن يأخذ مالها ما لم يمرض أو يفلس ، فليس للغرماء أن يأخذوا مالها ولا يجبروا السيد على أخذه ، والمدبر والمدبرة بتلك المنزلة .

                                                                                                                                                                                      قال : فقلنا لمالك : فالمعتق إلى سنين ، ألسيده أن يأخذ ماله ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، ما لم يتقارب ذلك .

                                                                                                                                                                                      قال : فقلت لمالك : فإن بقيت سنة ؟ قال : له أن يأخذه ما لم يتقارب ذلك أو يمرض ، ولم ير السنة قريبا قلت : وما حجة مالك في هذا ؟ حين قال : إذا مرض فلا يأخذ مال أم ولده ولا مدبرته ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لأنه يأخذه لغيره وإنما يأخذه للورثة وقد أشرف هؤلاء على عتقهم . والذي يفلس فلا يجبر الغرماء السيد على أن يأخذ مالهم لغيره ، ولو أراد أن يأخذه من غير أن يجبره الغرماء على أخذه ، فإن أراد ذلك كان ذلك له يأخذه ويقضي به دينه ، وإنما الذي لا يكون له ذلك إن أراد الغرماء أن يلزموه ذلك ، فليس ذلك لهم ولذلك قال مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن مرض ففلس وهو مريض أيأخذ مال المدبر الغرماء أم لا ؟ وإنه لو مات سيده ولم يدع مالا يعتقه وماله للغرماء ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا أرى أن يأخذ ماله إلا أن يموت سيد المدبر ، فيباع بماله ; لأن مالكا قال لي : لا يؤخذ مال هذا المدبر للغرماء ، فالصحة والمرض عندي سواء .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية