الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 7495 ] أخبرنا أبو الخير جامع بن أحمد الوكيل المحمداباذي من أصل سماعه ، حدثنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمداباذي ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا جرير بن حازم ، قال : سمعت محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى بن مريم ، - قال : - وكان في بني إسرائيل رجل يقال له : جريج ، وكان عابدا ، فابتنى صومعة فجعل يصلي فيها ، فأتته أمه ، فقالت : يا جريج . فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ثم جاءته يوما آخر ففعل مثل ذلك ، ثم جاءته يوما ثالثا ففعل مثل ذلك ، فقالت أمه : [ ص: 281 ] اللهم لا تمته حتى يرى أو ينظر في وجوه المومسات ، قال : فذكر يوما بنو إسرائيل جريجا وفضله ، فقالت : بغي من بغايا بني إسرائيل : إن شئتم لأفتننه لكم ، فقالوا : قد شئنا ، فانطلقت فتعرضت لجريج ، فلم يلتفت إليها ، فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعة جريج بغنمه ، فأمكنته من نفسها ، فحملت فولدت غلاما ، فقالت : هو من جريج ، فأتاه بنو إسرائيل فضربوه وشتموه وهدموا صومعته . فقال : ما شأنكم ؟ فقالوا : زنيت بهذه البغي ، وولدت غلاما ، قال : فأين الغلام ؟ قال : فجيء به فقام وصلى ، ودعا ، ثم انصرف إلى الغلام فطعنه بإصبعه في صدره ، وقال : (بالله) يا غلام من أبوك ؟ قال : أبي الراعي ، قال : فوثب الناس إليه فجعلوا يقبلونه ، وقالوا : نبني صومعتك من ذهب ، قال : لا حاجة لي في ذلك ، ابنوها كما كانت قال : وبينا امرأة جالسة وفي حجرها ابن لها ترضعه إذ مر بها راكب ذو شارة ، فقالت : اللهم اجعل ابني مثل هذا ، فترك ثديها ، ثم أقبل على الراكب فنظر إليه فقال : اللهم لا تجعلني مثل هذا ، ثم أقبل على ثديها يمصه ، قال أبو هريرة : فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي مصه ، ووضعه إصبعه في فيه ، فجعل يمصها ، ثم مر بأمة معها الناس تضرب ، فقالت : اللهم لا تجعل ابني مثل هذه ، فترك ثديها ونظر إليها ، وقال : اللهم اجعلني مثلها ، فعند ذلك تراجعا الحديث ، فقالت : حلقى! أي بني ، مر بي الراكب ذو شارة ، فقلت : اللهم اجعل ابني مثل هذا ، فقلت : اللهم لا تجعلني مثله ، ثم مر بهذه الأمة فقلت : اللهم لا تجعل ابني مثل هذه الأمة ، فقلت : اللهم اجعلني مثلها ، فقال : يا أمتاه ، إن الراكب الذي مر بك جبار ، فدعوت الله أن يجعلني مثله فقلت : اللهم لا تجعلني مثله ، وهذه يقولون : سرقت ، ولم تسرق ، وزنت ، ولم تزن ، وهي تقول : حسبي الله " .

رواه البخاري ، عن مسلم بن إبراهيم ، عن جرير بن حازم .

ورواه مسلم ، عن زهير بن حرب ، عن يزيد بن هارون ، عن جرير .

[ ص: 282 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية