الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 160 ] ثم دخلت سنة سبع ومائتين

فمن الحوادث فيها:

خروج عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ببلاد عك من اليمن يدعو إلى الرضى من آل محمد ، وكان سبب خروجه أن العمال باليمن أساءوا السيرة ، فبويع عبد الرحمن ، فلما بلغ ذلك المأمون وجه إليه دينار بن عبد الله في عسكر كثيف ، وكتب معه بأمانه ، فحضر دينار الموسم ، فلما فرغ من الحج سار إلى اليمن ، فأتى عبد الرحمن فبعث إليه أمانه من المأمون ، فقبل ودخل في الأمان ، ووضع يده في يد دينار ، فخرج به إلى المأمون ، فمنع عند ذلك الطالبيين من الدخول عليه ، وأمر بأخذهم بلبس السواد . وذلك في يوم الخميس لليلة بقيت من ذي القعدة .

وفيها: توفي طاهر بن الحسين ، فولي ولده طلحة بن طاهر ، فأقام واليا على خراسان سبع سنين بعد موت أبيه ، ثم توفي فولي عبد الله بن طاهر خراسان مع الشام ، وكان يتولى حرب بابك ، فأقام بالدينور ، وبعث بالجيوش ، فوجه المأمون إلى عبد الله بيحيى بن أكثم يعزيه عن أخيه ويهنئه بولاية خراسان ، وولى علي بن هشام حرب بابك ، [ ص: 161 ] وقد قيل إنه إنما ولى عبد الله بعد موت أبيه دون طلحة ، وأن عبد الله وجه أخاه طلحة إلى خراسان .

أخبرنا زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أحمد بن الحسين البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال: سمعت علي [بن أحمد] بن أسد الأديب يقول: حدثني غير واحد من مشايخنا بالعراق يسندونه إلى عبد الله بن طاهر : أنه كتب من خراسان إلى أمير المؤمنين المأمون :

بسم الله الرحمن الرحيم . بعدت داري عن ظل أمير المؤمنين وإن كنت كيف تصرفت في الأمور لا أتفيأ إلا به ، وقد اشتد إلى حضرة أمير المؤمنين شوقي لأتشرف بخدمته ، وأتجمل بمجلسه ، وأتزين بخطابه ، وأنقح عقلي بحسن آدابه ، فلا شيء آثر عندي من قربه ، وإن كنت في سعة من عيش وهبه الله لي به ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن [لي] في ورود حضرته لأجدد عهدا بالمنعم علي ، ، وأتهنأ بنعمة أسداها إلي فعل محسنا إن شاء الله .

فلما قرأ المأمون كتابه ، وقع فيه: قربك يا أبا العباس إلي حبيب ، وأنت مني حيث كنت قريب وإنما بعدت دارك نظرا لك ، وسموا بك ، ورغبة فيك ، فاتبع قول الشاعر:


رأيت دنو الدار ليس بنافع إذا كان ما بين القلوب بعيدا

وفي هذه السنة: ولي موسى بن جعفر طبرستان ، والرومان ، ودوباوند .

وغلا السعر ببغداد حتى بلغ القفيز من الحنطة أربعين درهما .

وحج بالناس في هذه السنة أبو عيسى بن الرشيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية