الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

1088 - إسحاق بن سليمان ، أبو يحيى العبدي الكوفي . مولى لعبد القيس .

سمع من مالك ، والثوري ، وغيرهما . روى عنه : قتيبة ، وأبو كريب ، وكان ثقة .

انتقل إلى الري فسكنها ، ونسب إليها ، وكان ثقة صالحا ورعا ظاهر الخشوع ، كثير البكاء ، وقدم بغداد في هذه السنة فحدث بها ، فسمع أحمد بن حنبل ، ثم رجع إلى الري فمات بها .

1089 - أسباط بن محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة ، أبو محمد القرشي ، مولى السائب بن يزيد .

من أهل الكوفة ، ولد سنة خمس ومائة . سمع أبا إسحاق الشيباني ، والأعمش ، والثوري ، وغيرهم روى عنه : قتيبة ، وأحمد بن حنبل .

قال يحيى : هو ثقة ، والكوفيون يضعفونه . وتوفي في هذه السنة . وقيل : أول سنة مائتين .

1090 - الحكم بن عبد الله بن مسلمة بن عبد الرحمن بن مطيع البلخي .

حدث عن هشام بن حسان ، وبكر بن حبيش ، ومالك ، وسفيان . روى عنه :

أحمد بن منيع ، وكان من أهل الرأي . وولي قضاء بلخ .

قال يحيى : وهو ضعيف ، وليس بشيء .

وقال أحمد بن حنبل - وقد سئل عنه - : لا ينبغي أن يروى عنه ، خلوا عنه ، إنه قال : الجنة والنار خلقتا وستفنيان ، وهذا كلام جهم ، لا يروى عنه شيء . [ ص: 78 ]

وقال أبو داود : تركوا حديثه ، كان جهميا ، توفي في جمادى الأولى من هذه السنة .

1091 - سليمان بن أبي جعفر المنصور ، يكنى أبا أيوب .

حدث عن أبيه ، وإليه ينسب درب سليمان ببغداد .

توفي في هذه السنة في صفر وهو ابن خمسين سنة .

أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ قال : أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال : أخبرنا أبو محمد الجوهري قال : أخبرنا أبو عمرو بن حيوية قال : حدثني عبد الرحمن بن بشر قال : حدثني محمد بن الحسن قال : حدثتني أم إبراهيم بن جميل قالت : حدثني عبيد الله الشروي قهرمان سليمان بن أبي جعفر قال : دخل هارون الرشيد على سليمان بن أبي جعفر وكان عليلا ، فرأى جارية تسمى ضعيفة ، في غاية الحسن والجمال والشكل [فوقعت بقلبه ] فقال [هارون ] : هبها لي . فقال : هي لك يا أمير المؤمنين . فلما أخذها مرض سليمان من شدة حبه لها ، فقال :


أشكو إلى ذي العرش ما لاقيت من أمر الخليفة     يسع البرية عدله
ويريد ظلمي في ضعيفة     علق الفؤاد بحبها كالبحر
يعلق بالصحيفة

قال : فبلغ ذلك هارون الرشيد ، فردها عليه .

1092 - شعيب بن الليث ، أبو عبد الملك .

ولد سنة خمس وثلاثين ومائة . روى عن أبيه وغيره . وتوفي في هذه السنة . [ ص: 79 ]

1093 - علي بن بكار ، أبو الحسن البصري .

كان فقيها متعبدا كثير البكاء .

أخبرنا ابن ناصر قال : أخبرنا حمد بن أحمد قال : أخبرنا [أبو ] نعيم الأصبهاني قال : أخبرنا أبو أحمد بن حبان قال : حدثنا أحمد بن روح قال : حدثنا عبد الله بن حسن قال : سمعت موسى بن طريف يقول : كانت الجارية تفرش لعلي بن بكار الفراش فيلمه بيده ويقول : والله إنك لطيب ، والله إنك لبارد ، لا علوتك الليلة . فكان يصلي الغداة لوضوء العتمة .

[قال المؤلف : ] أسند علي عن هشام بن حسان ، وأبي إسحاق الفزاري في آخرين ، وصحب إبراهيم بن أدهم .

وبلغنا عنه أنه طعن في بعض مغازيه ، فخرجت أمعاؤه على قربوس سرجه ، فردها إلى بطنه ، وشدها بالعمامة ، وقاتل حتى قتل ثلاثة عشر علجا .

وتوفي بالمصيصة في هذه السنة .

1094 - عامر بن حمزة ، مولى بني هاشم .

وهو من ولد عكرمة مولى ابن عباس . وقيل : هو عمارة بن حمزة بن مالك بن يزيد بن عبد الله ، مولى العباس بن عبد المطلب .

كان أحد الكتاب البلغاء ، وكان أتيه الناس حتى ضرب بتيهه المثل ، فقيل : "أتيه من عمارة" .

وكان جوادا ، وإليه تنسب دار عمارة ببغداد . أخبرنا القزاز قال : أخبرنا الخطيب قال : أخبرنا الجوهري قال : حدثنا محمد بن عمران بن موسى قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى المكي قال : حدثنا محمد بن [ ص: 80 ] القاسم بن خلاد قال : قال إبراهيم بن داود : استأذن قوم على عمارة بن حمزة ليشفعوا إليه في بر قوم أصابتهم حاجة ، وكان قد قام من مجلسه فأخبره حاجبه بحاجتهم ، فأمر لهم بمائة ألف درهم ، فاجتمعوا ليدخلوا عليه في الشكر له ، فقال له حاجبه ، فقال :

أقرئهم السلام وقل لهم إني رفعت عنكم ذل المسألة ، فلا أحملكم مئونة الشكر .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن ثابت قال :

أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ قال : أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال :

أخبرنا القاضي الحسين بن إسماعيل قال : حدثنا عبد الله بن أبي سعيد قال : حدثنا هارون بن محمد بن إسماعيل القرشي قال : أخبرنا عبد الله بن أيوب المكي قال : بعث أبو أيوب المكي بعض ولده إلى عمارة بن حمزة ، فأدخله الحاجب . قال : ثم أدناني إلى ستر مسبل ، فقال : ادخل . فدخلت فإذا هو مضطجع محول وجهه إلى الحائط فقال لي الحاجب : سلم . فسلمت ، فلم يرد علي . فقال الحاجب اذكر حاجتك فقلت : لعله نائم قال : لا اذكر حاجتك ، فقلت له : جعلني الله فداك أخوك يقرئك السلام ويذكر دينا ويقول : بهظني وستر وجهي ، ولولاه لكنت مكان رسولي تسأل أمير المؤمنين قضاءه .

فقال : وكم دين أبيك ؟ قلت : ثلاثمائة ألف . فقال : وفي مثل هذا أكلم أمير المؤمنين ! ؟ يا غلام احملها معه . وما التفت إلي ولا كلمني بغير هذا .

قال ابن سعيد : وحدثنا إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان الهاشمي قال : حدثني محمد بن سلامة قال : حدثنا الفضل بن الربيع قال : كان أبي يأمرني بملازمة عمارة بن حمزة قال : فاعتل عمارة ، وكان المهدي سيئ الرأي فيه فقال له أبي يوما : يا أمير المؤمنين ، مولاك عمارة عليل ، وقد أفضى الأمر منه إلى بيع فرشه وكسوته ، فقال : غفلت عنه وما كنت أظن أنه بلغ هذه الحال ، احمل إليه خمسمائة ألف درهم يا ربيع وأعلمه أن له عندي بعدها ما يحب . قال : فحملها أبي من ساعته وقال :

اذهب بها إلى عمك وقل له : أخوك يقرئك السلام ويقول : أذكرت أمير المؤمنين أمرك ، فاعتذر من غفلته عنك ، وأمر لك بهذه الدراهم وقال : لك عندي بعدها ما تحب .

قال : فأتيته ووجهه إلى الحائط ، فسلمت ، فقال لي : من أنت ؟ فقلت : ابن أخيك [ ص: 81 ] الفضل بن الربيع . فقال : مرحبا بك . فأبلغته الرسالة ، فقال : قد كان طال لزومك لنا وقد كنا نحب أن نكافئك على ذلك ، ولم يمكنا قبل هذا الوقت انصرف بها ، فهي لك .

قال : فهبته أن أرد عليه ، فتركت البغال على بابه وانصرفت إلى أبي فأعلمته الخبر فقال :

يا بني ، خذها بارك الله لك ، عمارة ليس ممن يراد ، فكانت أول مال ملكته .

1095 - هشام بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن خديج ، أبو طالب التجيبي .

سمع مالك بن أنس ، وجالس ابن وهب ، وكان كريما جوادا . وولي إمرة برقة من أرض مصر ، وولي شرطة فسطاط مصر .

وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة .

1096 - يوسف بن أسباط ، أبو محمد .

من قرية يقال لها : سيح . كان يقول : إن أسباط يقول : أشتهي [أن ] أموت ، وما ملكي درهم ولا على عظمي لحم ، ولا علي دين . فرزق ذلك ، فأعد في مرضه شيئا بعشرة دراهم ، فعزل منها درهما لحنوطه ، وأنفق الباقي ومات .

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك قال : أخبرنا أحمد بن جعفر بن أحمد السراج قال : أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب قال : أخبرنا أبي قال : أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال : حدثنا إبراهيم بن ديزيل قال : سمعت الربيع بن نافع يقول سمعت من يوسف بن أسباط حرفا في الورع ما سمعت أحسن منه . قلت له يوما وقد اتخذ كواير نحل : لو اتخذت حماما . فقال : النحل أحب إلي من الحمام ، الحمام يدخل الغريب [فيهم ] ، والنحل لا تدخل الغريب فيها ، فمن ذاك اتخذت النحل .

التالي السابق


الخدمات العلمية