الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
15105 - وفي حديث أبي الزناد، عن القاسم بن محمد، عن ابن عباس، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين العجلاني وامرأته وكانت حاملا، فذكر الحديث قال: "وكان الذي رميت به ابن السحماء، فجاءت به بغلام أسود أكحل جعدا عبل الذراعين خدل الساقين" [ ص: 154 ] .

15106 - وفي رواية عكرمة، عن ابن عباس، دليل على صحة ترتيبه، وذلك بين. في رواية ابن مسعود، وسهل بن سعد، وأنس بن مالك في قصة المتلاعنين، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بينهما وهي حامل، وكان يقول في بعض هذه الروايات: "الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما من تائب" فلما تلاعنا حكم على الصادق والكاذب حكما واحدا فأخرجهما من الحد وقال: "إن جاءت به كذا فلا أراه إلا قد صدق" فجاءت به على النعت المكروه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية ابن عباس: "لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن".

15107 - فأخبر بصفتين في إحداهما دلالة صدق الزوج، وفي الأخرى دلالة كذبه، فجاءت دلالة صدق الزوج فلم يستعمل عليها الدلالة، وأنفذ عليها ظاهر حكم الله، ولو جاءت دلالة كذب الزوج لكان لا يستعمل الدلالة أيضا وينفذ ظاهر حكم الله، لكنه صلى الله عليه وسلم والله أعلم ذكر عليه الأشياء الدالة على صدق أحدهما حتى إذا لم يكن حجة أقوى منها يستدل بها في إلحاق الولد بأحد المتلاعنين عند الاشتباه، وأخبر بأنه إنما منعه من استعمالها ها هنا ما هو أقوى منها، وهو حكم الله باللعان لا أنها لو أتت به على الصفة الأولى كان يلحقه بالزوج.

15108 - وكيف يجوز لمن يسوي الأخبار على مذهبه وهو ذا لا يستوي أن يستدل بهذا على أنه لم يكن مقصود الزوج نفي الحمل، وفيما ذكرنا من الأخبار أنها كانت حاملا وأنه أنكر حملها وأن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بينهما قبل وضع الحمل، ثم لما وضعت ألحقه بأمه فنفاه عنه، والولد في مثل هذا ملحق به بكل حال أشبهه أو لم يشبهه، نحن لا نرى خلافا للحديث أبين من هذا وتلبيسا من هذا والله المستعان.

التالي السابق


الخدمات العلمية