الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
15123 - قال أحمد: وقد ذكر الشافعي رحمه الله في كتاب إبطال الاستحسان فصلا في أن الأحكام في الدنيا إنما هي على ما أظهر العباد، وأن الله مدين بالسرائر، واحتج بأمر المنافقين، وبحديث أبي هريرة: " لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله " ثم قال: أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، وإنما أراد حديث هشام، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي" الحديث [ ص: 159 ] . ترك الشافعي الحديث ليرجع إلى الأصل فيثبته، وكأنه كره إثباته من الحفظ، ثم كتب بلا إسناد: وجاء العجلاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحيمر سبط نضو الخلق، فقال: يا رسول الله رأيت شريك بن السحماء، يعني ابن عمه، وهو رجل عظيم الأليتين، أدعج العينين، حاد الخلق، يصيب فلانة، يعني امرأته وهي حبلى، وما قربتها منذ كذا وكذا؟ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم شريكا فجحد، ودعا المرأة فجحدت، فلاعن بينها وبين زوجها وهي حبلى، ثم قال: "أبصروهما فإن جاءت به أدعج عظيم الأليتين فلا أراه إلا قد صدق عليها، وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أراه إلا قد كذب"، فجاءت به أدعج عظيم الأليتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا "إن أمره لبين لولا ما قضى الله" يعني أنه لمن زنى، لولا ما قضى الله أن لا يحكم على أحد إلا بإقرار.

15124 - قال أحمد: والصواب إلا بشهود.

15125 - قال الشافعي: أو اعتراف على نفسه، لا تحل بدلالة غير واحد منهما، وإن كانت بينة قال أحمد: يعني ظاهرة، قال الشافعي: وقال: "لولا ما قضى الله لكان لي فيها قضاء غيره" ولم يعرض لشريك، ولا للمرأة وأنفذ الحكم وهو يعلم أن أحدهما كاذب، ثم علم بعد أن الزوج هو صادق.

15126 - قال أحمد: فظن أبو عمرو بن مطر رحمنا الله وإياه أو من خرج المسند في المبسوط أن قوله: "وجاء العجلان" من قول هشام بن عروة، فخرجه في المسند مركبا على إسناد حديث مالك، عن هشام، وهو فيما [ ص: 160 ] .

15127 - أخبرناه أبو بكر، وأبو زكريا قالا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، فذكراه، وهذا وهم فاحش، والشافعي يبرأ إلى الله تعالى من هذه الرواية، وقد وهم أبو عمرو أو من خرج المسند، وهكذا في غير حديث مما خرجه في المسند، ذكرته في هذا الكتاب وثبته، وبالله التوفيق.

15128 - قال أحمد: وهذا الحديث فيما قرأته على أبي سعيد بن أبي عمرو في كتاب إبطال الاستحسان، عن أبي العباس، عن الربيع، عن الشافعي، عن مالك، عن هشام، لكنه في أصل عتيق فصل ما بينه وبين ما بعده بدائرة، ثم كتب: وجاء العجلاني ومن يفكر في قوله، عن هشام بن عروة: وجاء العجلاني علم أنه ابتدئ كلام معطوف على ما قبله، وليس لهذا الحديث أصل من حديث مالك، عن هشام، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة، ثم بحديث العجلاني، وأنا مستغن عن هذا الشرح لكن لبعد أفهام أكثر الناس عن هذا اللسان، هو ولا أحتاج في مثل هذا الوهم الفاحش منذ مائة سنة إلى زيادة بيان، وبالله التوفيق.

[ ص: 161 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية