الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            35 - باب التحلل

                                                            1701 - قال الشافعي في المتمتع بالعمرة إلى الحج : - يصنع ما سبق ذكره ثم يأخذ سبع حصيات فيرمي جمرة العقبة بهن ثم قد حل له ما حرم عليه في الحج إلا النساء وإذا طاف بالبيت سبعا وبين الصفا والمروة فقد حل له النساء ، وإن كان قارنا أو مفردا فعليه أن يعتمر محرما ويصنع ما وصفت غير أنه إذا كان قارنا أو مفردا أجزأه إن طاف قبل منى بالبيت وبين الصفا والمروة ، وأن يطوف بالبيت سبعا بعد عرفة ويحل له النساء ولا يعود إلى الصفا والمروة وإن لم يطف قبل منى فعليه بعد عرفة أن يطوف بالبيت سبعا وبالصفا والمروة سبعا .

                                                            قال : والقارن والمفرد سواء في كل أمرهما إلا أن على القارن دما وليس على المفرد ذلك .

                                                            1702 - قال الشافعي في المتمتع : إذا أحرم بالحج وجب عليه دمه . قال الله ( عز وجل ) : { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم } ، إذا رجع إلى أهله .

                                                            1703 - أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني العدل ، أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي ، حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي ، حدثنا ابن بكير ، حدثنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فأهللنا بعمرة ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا " ، قالت : فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ، ثم حلوا ، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى بحجهم ، فأما الذين أهلوا بالحج أو أجمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا .

                                                            1704 - قلت : وإنما أرادت طوافا واحدا بين الصفا والمروة . وذلك بين في [ ص: 195 ] الحديث الذي ذكرنا .

                                                            1705 - عن أبي الزبير ، عن جابر قال : لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا . طوافه الأول .

                                                            وإنما أراد الذين أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة ، وهم الذين كان معهم الهدي بدليل حديث عائشة .

                                                            1706 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني الليث بن سعد ، [ح ] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم ( واللفظ له ) ، حدثنا أحمد بن سلمة ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ، عن أبي الزبير ، عن جابر أنه قال : أقبلنا مهلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج مفرد ، وأقبلت عائشة مهلة بعمرة حتى إذا كانت بسرف عركت ، حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة وبالصفا والمروة ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحل منا من لم يكن معه هدي قال : فقلنا : حل ماذا ؟ قال : " الحل كله " ، فواقعنا النساء وتطيبنا بالطيب ولبسنا ثيابنا وليس بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال ، ثم أهللنا يوم التروية ، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة فوجدها تبكي فقال : " ما شأنك ؟ " قالت : شأني أني حضت وقد حل الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن ؟ فقال : " إن هذا أمر كتبه الله ( عز وجل ) على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج " ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وبالصفا والمروة . ثم قال : " قد حللت من حجك وعمرتك جميعا " فقالت : يا رسول الله : إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت ! قال : " فاذهب بها يا عبد الرحمن فاعمرها من التنعيم وذلك ليلة الحصبة " .

                                                            1707 - ورواه مطر الوراق عن أبي الزبير وزاد فيه : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا سهلا إذا هويت الشيء تابعها .

                                                            [ ص: 196 ]

                                                            1708 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، قالا : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسحاق الفاكهي بمكة ، حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة ، حدثنا خلاد بن يحيى ، حدثنا إبراهيم بن نافع ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن عائشة أنها حاضت بسرف وطهرت بعرفة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " يجزئك طواف واحد بين الصفا والمروة لحجك وعمرتك " .

                                                            1709 - قلت : " من أحرم منهم بالحج ولم يكن معه هدي فسخ عليهم حجهم وأمرهم بالعمرة ، فلما طافوا وسعوا بين الصفا والمروة حلوا من عمرتهم ، ثم أحرموا بالحج يوم التروية ولزمهم ما استيسر من الهدي ( وهو في قول علي ، وابن عباس : شاة ) فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج يعني والله أعلم : بعد ما يحرم بالحج إلى يوم عرفة فمن لم يصم قبل النحر صام أيام منى . وهو قول عائشة وابن عمر وهو قول الشافعي في القديم " .

                                                            1709 - وروى جعفر بن محمد عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ، قال : " يصوم بعد أيام التشريق إذا فاته الصوم يعني قبل يوم النحر " ، وهو القول الجديد .

                                                            1710 - قلت : وإذا رجع إلى أهله صام سبعة أيام ، هكذا قال ابن عباس ، وابن عمر وروي مرفوعا .

                                                            " وفسخ الحج بالعمرة كان خاصا لهم ليس لأحد بعدهم أن يفسخ حجا بعمرة " .

                                                            1711 - وروينا عن بلال بن الحارث أنه قال : يا رسول الله ! فسخ الحج لنا خاصة أو لمن أتى ؟ قال : " بل لنا خاصة " .

                                                            [ ص: 197 ]

                                                            1712 - وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا سعدان بن نصر ، حدثنا أبو معاوية ، عن يحيى بن سعيد ، عن مرقع الأسيدي ، عن أبي ذر ، قال : " لم يكن لأحد أن يفسخ حجه إلى عمرة إلا للركب من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة " .

                                                            1712 - وأما عائشة فإن النبي صلى الله عليه وسلم " أمرها أن تدخل الحج على العمرة فصارت قارنا ولزمها فهم القران .

                                                            1713 - وفيما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح عن نسائه بقرة في حجته " .

                                                            1714 - وروي أيضا عن عائشة .

                                                            1715 - وروي عن أبي هريرة ، قال : " ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن من اعتمر من نسائه بينهن وعائشة كانت قارنة بإدخال الحج على العمرة وغيرها من أزواجه كن متمتعات فذبح عنهن بقرة فإنها كالبدنة تجزئ عن سبعة " والله أعلم .

                                                            1716 - وروينا عن الصبي بن معبد ، أنه قال : أتيت عمر بن الخطاب فقلت له : يا أمير المؤمنين إني كنت رجلا نصرانيا وإني أسلمت وأنا حريص على الجهاد وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي ، فأتيت رجلا من قومي فقال لي : اجمعهما واذبح ما استيسر من الهدي وإن أهللت بهما معا ، فقال عمر : " أهديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم " .

                                                            1717 - أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا داود ، حدثنا محمد بن قدامة بن أعين ، وعثمان بن أبي شيبة ، قالا : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن منصور ، عن أبي وائل ، قال : قال الصبى بن معبد . . ، فذكر قصه ، ثم ذكر ما قدمنا ذكره .

                                                            1718 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى بن إبراهيم ، حدثنا أحمد بن النضر بن عبد الوهاب ، حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثنا وهب [ ص: 198 ] بن جرير بن حازم حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني ابن أبي نجيح عن مجاهد ، وعطاء ، عن جابر بن عبد الله في حج النبي صلى الله عليه وسلم وأمره إياهم بالإحلال بالعمرة وخطبته وقوله : " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولحللت كما حلوا فمن لم يكن معه هدي فليصم ثلاثة أيام ( يعني في الحج ) وسبعة إذا رجع إلى أهله ومن وجد هديا فلينحر " قال : فكنا ننحر الجزور عن سبعة .

                                                            1719 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكوني ببغداد ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، قال : سمعت عمر يقول : " إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات وذبحتم وحلقتم فقد حل لك كل شيء إلا النساء والطيب . قال سالم : وقالت عائشة حل له كل شيء إلا النساء . قال : وقالت ( يعني عائشة ) : أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تعني لحله ) " .

                                                            1720 - ورواه عمرو بن دينار عن سالم ، وزاد : قال سالم : وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع .

                                                            * * *

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية