الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
5137 - (الصبر ثلاثة: فصبر على المصيبة وصبر على الطاعة وصبر عن المعصية فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرض إلى منتهى الأرضين السبع، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش مرتين) (ابن أبي الدنيا في فضل الصبر وأبو الشيخ في الثواب) عن علي - (ض) .

التالي السابق


(الصبر ثلاثة) ؛ أي: أقسامه باعتبار متعلقه ثلاثة (فصبر على المصيبة) حتى لا يتسخطها (وصبر على الطاعة) حتى يؤديها (وصبر على المعصية) حتى لا يقع فيها، وهذه الأنواع هي التي عناها العارف الكيلاني في فتوح الغيب بقوله: لا بد للعبد من أمر يفعله ونهي يتجنبه وقدر يصبر عليه وذلك يتعلق بطرفين طرف من جهة الرب وطرف من جهة العبد [ ص: 235 ] فالأول هو أن له سبحانه على عبده حكمين كوني قدري وشرعي ديني فالكوني متعلق بخلقه والشرعي بأمره، فالأول يتوقف حصول الثواب فيه على الصبر، والثاني لا يتم إلا به، فرجع الدين كله إلى هذه القواعد الثلاثة الصبر على المقدور وترك المحظور وفعل المأمور، وأما الطرف الثاني فإن العبد لا ينفك عن هذه الثلاثة أيضا ولا يسقط عنه ما بقي التكليف فقيام عبودية القدر على ساق الصبر لا تستوي إلا عليه كما لا تستوي السنبلة إلا على ساقها وهذه الثلاثة قد وقعت الإشارة إليها بآية أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك (فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له) ؛ أي: قدر أو أمر بالكتابة في اللوح أو الصحف (ثلاثمائة درجة) ؛ أي: منزلة عالية في الجنة (ما بين الدرجتين) منها (كما بين السماء والأرض ومن صبر على الطاعة) ؛ أي: على فعلها وتحمل مشاقها (كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرضين إلى منتهى الأرضين) السبعة (ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش) الذي هو أعلى المخلوقات وأرفعها (مرتين) وهذا صريح في أن الصبر على المقدور أدنى المراتب ثم الصبر على المأمور ثم عن المحظور؛ وذلك لأن الصبر على مجرد القدر يأتي به البر والفاجر والمؤمن والكافر، فلا بد لكل منهم من الصبر عليه اختيارا أو اضطرارا، والصبر على الأوامر فوقه ودون الصبر عن المحرمات؛ فإن الأوامر أكثرها محبوب للنفوس لما فيها من العدل والإحسان والإخلاص والبر، والصبر على المخالفات صبر على مخالفة هوى النفس وحملها على غير طبعها، وهو أشق شيء وأصعبه، ومن صبر عن المعاصي التي أكثرها محاب للنفوس؛ فقد ترك المحبوب العاجل في هذه الدار لمحبوب آجل في دار أخرى ولا يصبر عن ذلك إلا الصديقون وهذه الثلاثة محاب النفوس الفاضلة الزكية، قالوا: والمناهي من باب حمية النفس عن لذاتها وحميتها مع قيام دواعي التناول وقوته خطب مهول ولهذا كان باب قربان النهي مسدودا، وباب الأمر مقيدا بالمستطاع، ومن ثم كان عامة العقوبات على المنهيات، وأما ترك المأمور فلم يرتب الله عليه حدا معينا وأعظم المأمورات الصلاة، وقد اختلف هل فيه حد أم لا؟ وبهذا التقرير استبان سر الترتيب الواقع في هذا الخبر

(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في الصبر وأبو الشيخ) ابن حبان (في) كتاب (الثواب) عن عبد الله بن محمد زيرك عن عمر بن علي عن عمر بن يونس اليماني عن مدرك بن محمد السدوسي عن رجل يقال له علي (عن علي) أمير المؤمنين، ورواه عنه أيضا الديلمي ، قال ابن الجوزي : والحديث موضوع



الخدمات العلمية