الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
5383 - ( عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل ) (حم خ د) عن أبي هريرة - (صح) .

التالي السابق


(عجب ربنا من قوم) ؛ أي: رضي منهم واستحسن فعلهم وعظم شأنهم (يقادون إلى الجنة) وفي رواية للبخاري ( عجب الله من قوم يدخلون الجنة ) (في السلاسل) يعني الأسرى الذين يؤخذون عنوة في السلاسل فيدخلون في الإسلام فيصيرون [ ص: 303 ] من أهل الجنة، كذا ذكره جمع وأولى منه قول الغزالي : المراد بالسلاسل الأسباب فإنه تعالى أمر بالعمل فقال: اعملوا وإلا أنتم معاقبون مذمومون على العصيان وذلك سبب لحصول اعتقاد فينا والاعتقاد سبب لهيجان الخوف وهيجانه سبب لترك الشهوات والتجافي عن دار الغرور، وذلك سبب الوصول إلى جوار الرحمن في الجنان وهو مسبب الأسباب ومرتبها فمن سبق له في الأزل السعادة يسر له هذه الأسباب حتى يقوده بسلاسلها إلى الجنة ومن قدر له الشقاء أصمه عن سماع كلامه وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - والعلماء، فإذا لم يسمع لم يعلم، وإذا لم يعلم لم يخف، وإذا لم يخف لم يترك الركون للدنيا والانهماك في اللذات، وإذا لم يتركها صار في حزب الشيطان وإن جهنم لموعدهم أجمعين فإذا عرفت هذا ظهر لك التعجب من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل، فما من موفق إلا وهو مقود إلى الجنة بسلاسل الأسباب، وهو تسليط العلم والخوف عليه، وما من مخذول إلا وهو مقود إلى النار بالسلاسل وهو تسليط الغفلة والأمن والغرور عليه، فالمتقون يقادون إلى الجنة قهرا، والمشركون يقادون إلى النار قهرا، ولا قاهر إلا الواحد القهار، ولا قادر إلا الملك الجبار، وإذا انكشف الغطاء عن أعين الغافلين فشاهدوا الأمر كذلك، سمعوا عنده نداء المنادي لمن الملك اليوم لله الواحد القهار وقد كان الملك للواحد القهار كل يوم قبل ذلك، لكن الغافلين لا يسمعون ذلك النداء إلا ذلك اليوم، فنعوذ بالله من الجهل والعمى؛ فإنه أصل أسباب الهلاك، قال القاضي : مر غير مرة أن صفات العباد إذا أطلقت على الله أريد بها غاياتها فغاية التعجب من الرضا بالشيء استعظام شأنه فالمعنى عظم الله شأن قوم يؤخذون عنوة في السلاسل فيدخلون في الإسلام قهرا فيصيرون من أهل الجنة وقيل أراد بالسلاسل ما يرادون به من قتل الأنفس وسبي الأزواج والأولاد وخراب الديار وجميع ما يلحقهم إلى الدخول في الدين الذي هو سبب دخول الجنة فأقيم السبب مقام المسبب قال: أو المراد أنها جذبات الحق التي يجذب بها خلاصة عباده من الضلالة إلى الهدى ومن الهبوط في مهاوي الطبيعة إلى العروج بالدرجات العلى إلى جنة المأوى

(حم خ) في الجهاد (د عن أبي هريرة ) ولم يخرجه مسلم



الخدمات العلمية