الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

                                                                                        ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        [ ص: 580 ] 1 - باب كراهية الإمارة لمن لم يقدر عليها

                                                                                        2095 - قال إسحاق : أخبرنا عيسى بن يونس ، وجرير ، عن الأعمش ، عن سليمان بن ميسرة ، عن طارق بن شهاب ، عن رافع بن أبي رافع الطائي ، قال : لما كانت غزوة ذات السلاسل بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا وأمر عليهم عمرو بن العاص رضي الله عنه ، وفيهم أبو بكر رضي الله عنه ، وهي الغزوة التي يفتخر بها أهل الشام ، يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عمرو بن العاص رضي الله عنه على جيش فيهم أبو بكر رضي الله عنه ، وأمرهم أن يستنفروا من مروا به من المسلمين ، فمروا بنا في دارنا فاستنفرونا فنفرنا معهم ، فقلت : لأتخيرن لنفسي رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأخدمه وأتعلم منه ، فإني لست أستطيع أن آتي المدينة كلما شئت ، فتخيرت أبا بكر رضي الله عنه فصحبته ، وكان له كساء فدكي نحله عليه إذا ركب ، نلبسه جميعا إذا نزلنا ، وهو الكساء الذي [ ص: 581 ] عيرته به هوازن فقالوا : ذا الجلال نتابع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قضينا غزاتنا رجعنا ولم أسأله عن شيء ، قلت له : إني قد صحبتك ولي عليك حق ، ولم أسألك عن شيء ، فعلمني ما ينفعني ; فإني لست أستطيع أن آتيالمدينة كل سبت . قال رضي الله عنه : قد كان في نفسي ذلك قبل أن تذكره لي ، اعبد الله لا تشرك به شيئا ، وأقم الصلاة المكتوبة ، وآت الزكاة المفروضة ، وحج البيت ، وصم رمضان ، ولا تأمرن على رجلين . قلت : أما الصلاة والزكاة فقد عرفتها ، وأما الإمارة فإنما يصيب الناس الخير من الإمارة . قال : إنك قد استجهدتني فجهدت لك ، إن الناس دخلوا في الإسلام طوعا وكرها فأجارهم الله من الظلم ، فهم عواذ الله ، وجيران الله ، وفي ذمة الله ومن يظلم أحدا منهم ، فإنما يخفر ربه ، والله إن أحدكم لتؤخذ شاة جاره أو بعيره فيظل باقي عفلته غضبا لجاره ، والله من وراء جاره . فلما رجعنا إلى ديارنا وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايع الناس أبا بكر رضي الله عنه واستخلف أبو بكر رضي الله عنه ، فقلت : من استخلف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : صاحبك أبو بكر . فأتيت المدينة فلم أزل أتعرض له حتى وجدته خاليا ، فأخذت بيده ، فقلت : أما تعرفني ؟ أنا صاحبك . قال : نعم . قلت : أما تحفظ ما قلت [ ص: 582 ] لي لا تأمرن على رجلين ، وتأمرت على الناس ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي والناس حديث عهد بجاهلية ، وحملني أصحابي وخشيت أن يرتدوا فوالله ما زال يعتذر حتى عذرته .

                                                                                        وزاد جرير فيه : قال : وكنت أسوق الغنم في الجاهلية ، فلم يزل الأمر بي حتى صرت عريفا في إمارة الحجاج ،
                                                                                        يقولها رافع بن أبي رافع الطائي .

                                                                                        هذا حديث غريب ، وسليمان شيخ الأعمش ما عرفته بعد ، وقد روى أحمد طرفا منه بإسناد آخر .

                                                                                        ( 92 ) وحديث حبان بن بح الصدائي لا خيرة في الإمارة لرجل مسلم ، [ ص: 583 ] يأتي إن شاء الله في باب علامات النبوة .

                                                                                        ( 93 ) وكذلك حديث زياد بن الحارث الصدائي .

                                                                                        [ ص: 584 ] [ ص: 585 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية