الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( بين ) ( هـ ) فيه : إن من البيان لسحرا البيان إظهار المقصود بأبلغ لفظ ، وهو من الفهم وذكاء القلب ، وأصله الكشف والظهور . وقيل معناه أن الرجل يكون عليه الحق وهو أقوم بحجته من خصمه فيقلب الحق ببيانه إلى نفسه ; لأن معنى السحر قلب الشيء في عين الإنسان ، وليس بقلب الأعيان ، ألا ترى أن البليغ يمدح إنسانا حتى يصرف قلوب السامعين إلى حبه ، ثم يذمه حتى يصرفها إلى بغضه .

                                                          * ومنه : البذاء والبيان شعبتان من النفاق أراد أنهما خصلتان منشؤهما النفاق ، أما البذاء وهو الفحش فظاهر ، وأما البيان فإنما أراد منه بالذم التعمق في النطق والتفاصح وإظهار التقدم فيه على [ ص: 175 ] الناس ، وكأنه نوع من العجب والكبر ، ولذلك قال في رواية أخرى : البذاء وبعض البيان ; لأنه ليس كل البيان مذموما .

                                                          * ومنه حديث آدم وموسى عليهما السلام : أعطاك الله التوراة فيها تبيان كل شيء أي كشفه وإيضاحه . وهو مصدر قليل فإن مصادر أمثاله بالفتح .

                                                          ( هـ ) وفيه ألا إن التبين من الله تعالى والعجلة من الشيطان ، فتبينوا يريد به هاهنا التثبت ، كذا قاله ابن الأنباري .

                                                          ( س ) وفيه : أول ما يبين على أحدكم فخذه أي يعرب ويشهد عليه .

                                                          ( هـ ) وفي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه لما أراد أن يشهده على شيء وهبه ابنه النعمان : هل أبنت كل واحد منهم مثل الذي أبنت هذا أي هل أعطيتهم مثله مالا تبينه به ، أي تفرده ، والاسم البائنة . يقال : طلب فلان البائنة إلى أبويه أو إلى أحدهما ، ولا يكون من غيرهما .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث الصديق : " قال لعائشة رضي الله عنها : إني كنت أبنتك بنحل " أي أعطيتك .

                                                          ( س ) وفيه : من عال ثلاث بنات حتى يبن أو يمتن يبن بفتح الياء ، أي يتزوجن . يقال أبان فلان بنته وبينها إذا زوجها . وبانت هي إذا تزوجت . وكأنه من البين : البعد ، أي بعدت عن بيت أبيها .

                                                          * ومنه الحديث الآخر : حتى بانوا أو ماتوا .

                                                          * وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه فيمن طلق امرأته ثلاث تطليقات : " فقيل له إنها قد بانت منك ، فقال صدقوا " بانت المرأة من زوجها أي انفصلت عنه ووقع عليها طلاقه . والطلاق البائن هو الذي لا يملك الزوج فيه استرجاع المرأة إلا بعقد جديد ، وقد تكرر ذكرها في الحديث .

                                                          * وفي حديث الشرب : أبن القدح عن فيك أي افصله عنه عند التنفس لئلا يسقط فيه شيء من الريق ، وهو من البين : البعد والفراق .

                                                          [ ص: 176 ] * ومنه الحديث في صفته صلى الله عليه وسلم : " ليس بالطويل البائن " أي المفرط طولا الذي بعد عن قدر الرجال الطوال .

                                                          ( س ) وفيه : " بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل " أصل بينا : بين ، فأشبعت الفتحة فصارت ألفا ، يقال بينا وبينما ، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة ، ويضافان إلى جملة من فعل وفاعل ، ومبتدأ وخبر ، ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى ، والأفصح في جوابهما ، ألا يكون فيه إذ وإذا وقد جاءا في الجواب كثيرا ، تقول بينا زيد جالس دخل عليه عمرو ، وإذ دخل عليه عمرو ، وإذا دخل عليه .

                                                          * ومنه قول الحرقة بنت النعمان :

                                                          بينا نسوس الناس والأمر أمرنا إذا نحن فيهم سوقة نتنصف



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية