الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( جذم ) فيه : من تعلم القرآن ثم نسيه لقي الله يوم القيامة وهو أجذم أي مقطوع اليد ، من الجذم : القطع .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث علي - رضي الله عنه - : " من نكث بيعته لقي الله وهو أجذم ليست له يد " قال القتيبي : الأجذم هاهنا الذي ذهبت أعضاؤه كلها ، وليست اليد أولى بالعقوبة من باقي الأعضاء . يقال : رجل أجذم ومجذوم إذا تهافتت أطرافه من الجذام ، وهو الداء المعروف . قال الجوهري : لا يقال للمجذوم أجذم . وقال ابن الأنباري ردا على ابن قتيبة : لو كان العقاب لا يقع إلا بالجارحة التي باشرت المعصية لما عوقب الزاني بالجلد والرجم في الدنيا ، وبالنار في الآخرة . وقال ابن الأنباري : معنى الحديث أنه لقي الله وهو أجذم الحجة ، لا لسان له يتكلم ، ولا حجة في يده . وقول علي - رضي الله عنه - : ليست له يد : أي لا حجة له . وقيل معناه لقيه منقطع السبب ، يدل عليه قوله : القرآن سبب بيد الله وسبب بأيديكم ، فمن نسيه فقد قطع سببه . وقال الخطابي : معنى الحديث ما ذهب إليه ابن الأعرابي ، وهو أن من نسي القرآن لقي الله خالي اليد من الخير صفرها من الثواب ، فكنى باليد عما تحويه وتشتمل عليه من الخير قلت : وفي تخصيص علي بذكر اليد معنى ليس في حديث [ ص: 252 ] نسيان القرآن ، لأن البيعة تباشرها اليد من بين الأعضاء ، وهو أن يضع المبايع يده في يد الإمام عند عقد البيعة وأخذها عليه .

                                                          ( س ) ومنه الحديث : كل خطبة ليست فيها شهادة فهي كاليد الجذماء أي المقطوعة .

                                                          * ومنه حديث قتادة في قوله تعالى : والركب أسفل منكم قال : " انجذم أبو سفيان بالعير " أي انقطع بها من الركب وسار .

                                                          ( س ) وفي حديث زيد بن ثابت : " أنه كتب إلى معاوية : إن أهل المدينة طال عليهم الجذم والجذب " أي انقطاع الميرة عنهم .

                                                          وفيه : " أنه قال لمجذوم في وفد ثقيف : ارجع فقد بايعتك " المجذوم : الذي أصابه الجذام ، وهو الداء المعروف ، كأنه من جذم فهو مجذوم . وإنما رده النبي لئلا ينظر أصحابه إليه فيزدرونه ويرون لأنفسهم عليه فضلا فيدخلهم العجب والزهو ، أو لئلا يحزن المجذوم برؤية النبي وأصحابه - رضي الله عنهم - ، وما فضلوا به عليه ، فيقل شكره على بلاء الله تعالى . وقيل لأن الجذام من الأمراض المعدية ، وكانت العرب تتطير منه وتتجنبه ، فرده لذلك ، أو لئلا يعرض لأحدهم جذام فيظن أن ذلك قد أعداه . ويعضد ذلك : الحديث الآخر : أنه أخذ بيد مجذوم فوضعها مع يده في القصعة ، وقال : كل ثقة بالله وتوكلا عليه وإنما فعل ذلك ليعلم الناس أن شيئا من ذلك لا يكون إلا بتقدير الله تعالى ، ورد الأول لئلا يأثم فيه الناس ، فإن يقينهم يقصر عن يقينه .

                                                          ( س ) ومنه الحديث : " لا تديموا النظر إلى المجذومين " لأنه إذا أدام النظر إليه حقره ، ورأى لنفسه فضلا وتأذى به المنظور إليه .

                                                          * ومنه حديث ابن عباس - رضي الله عنه - : " أربع لا يجزن في البيع ولا النكاح : المجنونة ، والمجذومة ، والبرصاء ، والعفلاء .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الأذان : " فعلا جذم حائط فأذن " الجذم : الأصل ، أراد بقية حائط أو قطعة من حائط .

                                                          ( س ) ومنه حديث حاطب : " لم يكن رجل من قريش إلا وله جذم بمكة " يريد الأهل والعشيرة . [ ص: 253 ] ( هـ س ) وفيه : " أنه أتي بتمر من تمر اليمامة ، فقال : ما هذا ؟ فقيل : الجذامي ، فقال اللهم بارك في الجذامي " قيل هو تمر أحمر اللون .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية