الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                992 ص: حدثنا ربيع بن سليمان المؤذن ، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن ، قال: ثنا ابن أبي ذئب ، عن الزبرقان : "أن رهطا من قريش اجتمعوا، فمر بهم زيد بن ثابت -رضي الله عنه- فأرسلوا إليه غلامين لهم يسألانه عن الصلاة الوسطى ، فقال: هي العصر، فقام رجلان إليه منهم فسألاه، فقال: هي الظهر، ثم انصرفا إلى أسامة بن زيد فسألاه، فقال: هي الظهر؛ إن رسول الله -عليه السلام- كان يصلي بالهجير ولا يكون وراءه إلا الصف والصفان، والناس في قائلتهم وتجارتهم، فأنزل الله - عز وجل -: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فقال النبي -عليه السلام-: "لينتهين رجال؛ أو لأحرقن بيوتهم" .

                                                حدثنا فهد ، قال: نا عمرو بن مرزوق ، قال: نا شعبة ، عن عمرو بن أبي حكيم ، عن الزبرقان ، عن عروة ، عن زيد بن ثابت قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الظهر بالهجير - أو قال: بالهاجرة - وكانت أثقل الصلوات على أصحابه، فنزلت: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ؛ لأن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين" .

                                                [ ص: 287 ] حدثنا أبو بشر الرقي ، قال: ثنا حجاج بن محمد ، نا شعبة ، عن عمرو بن سليمان ، عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان ، عن أبيه، عن زيد بن ثابت قال: "هي الظهر" .

                                                حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال: ثنا عفان ، قال: ثنا همام ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عمر ، عن زيد بن ثابت مثله.

                                                حدثنا يونس ، قال: ثنا عبد الله بن وهب ، عن داود بن الحصين ، عن ابن اليربوع المخزومي : "أنه سمع زيد بن ثابت يقول ذلك".

                                                حدثنا ابن معبد ، قال: ثنا المقرئ ، عن حيوة وابن لهيعة ، قالا: أنا أبو صخر ، أنه سمع يزيد بن عبد الله بن قسيط يقول: سمعت خارجة بن زيد بن ثابت ، يقول: "سمعت أبي يقول ذلك" .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه ستة طرق صحاح عن زيد بن ثابت ، غير أن الطريق الأول منقطع؛ لأن الزبرقان بن عمرو بن أمية لم يسمع من زيد بن ثابت ولا من أسامة بن زيد ، وقد وثقه ابن حبان وغيره، وخالد بن عبد الرحمن الخراساني وثقه يحيى بن معين ، وابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب روى له الجماعة.

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": عن ابن أبي ذئب ، عن الزبرقان : "أن رهطا من قريش مر بهم زيد بن ثابت وهم مجتمعون، فأرسلوا إليه غلامين [لهم] يسألانه عن الصلاة الوسطى ..." إلى آخره نحوه سواء.

                                                والرهط من الرجال ما دون العشرة، وقيل: إلى الأربعين ولا يكون فيهم امرأة، لا واحد له من لفظه، ويجمع على أرهط وأرهاط، وأراهط جمع الجمع، والهجير والهاجرة: اشتداد الحر نصف النهار، والقائلة: الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم، يقال: قال يقيل قيلولة فهو قائل، وقال الجوهري : القائلة هي الظهيرة [ ص: 288 ] يقال: أتانا عند القائلة، وقد تكون بمعنى القيلولة أيضا، وهي النوم في الظهيرة، يقال: قال يقيل قيلولة وقيلا ومقيلا وهو شاذ.

                                                قوله: "لينتهين رجال" أي: لينتهين عن تضييع هذه الصلاة التي أمرهم الله - عز وجل - بالمحافظة عليها؛ أو لأحرقن بيوتهم.

                                                والأصل في مثل هذا الموضع أن يقدر قبل "أو" مصدر وبعدها "أن" ناصبة للفعل، وهما في تأويل مصدر معطوف ب "أو" على المقدر قبلها.

                                                فتقدير هذا الكلام: ليكونن انتهاء منهم عن تضييع هذه الصلاة؛ أو إحراق مني بيوتهم.

                                                الطريق الثاني: عن فهد بن سليمان ... إلى آخره.

                                                وأخرجه أبو داود : ثنا محمد بن المثنى ، نا محمد بن جعفر ، نا شعبة ، عن عمرو بن أبي حكيم ، قال: سمعت الزبرقان يحدث، عن عروة بن الزبير ، عن زيد بن ثابت ... إلى آخره نحوه.

                                                وأخرجه البخاري أيضا في "تاريخه الكبير".

                                                قوله: "وكانت أثقل الصلوات" لكونه -عليه السلام- كان يصليها في قوة الحر، ثم أبرد بعد ذلك، وأمر بالإبراد.

                                                قوله: "لأن قبلها صلاتين" وهما الصبح والعشاء، وهما من وجه الليل، "وبعدها صلاتين" وهما العصر والمغرب، وهما من وجه النهار.

                                                الثالث: عن أبي بشر عبد الملك بن مروان الرقي ، عن حجاج بن محمد الأعور المصيصي ، عن شعبة ... إلى آخره.

                                                الرابع: عن ابن مرزوق ... إلى آخره.

                                                [ ص: 289 ] وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا وكيع ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عمر ، عن زيد بن ثابت قال: "الصلاة الوسطى صلاة الظهر" .

                                                الخامس: عن يونس بن عبد الأعلى البصري ، عن عبد الله بن وهب المصري ، عن داود بن الحصين ، عن عبد الرحمن بن سعيد بن اليربوع المخزومي ، عن زيد بن ثابت .

                                                وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه": عن مالك ، عن داود بن الحصين ، عن ابن اليربوع ، قال: سمعت زيد بن ثابت قال: "هي الظهر" .

                                                السادس: عن علي بن معبد بن نوح ، وفي بعض النسخ عن إبراهيم بن منقذ العصفري عن عبد الله بن يزيد المقري ، عن حيوة بن شريح بن صفوان أبي زرعة المصري ، وعبد الله بن لهيعة ، كلاهما عن أبي صخر بن زياد الخراط المدني ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط بن أسامة بن عمير الليثي المدني الأعرج عن خارجة بن زيد بن ثابت أحد الفقهاء السبعة، عن أبيه زيد بن ثابت .

                                                قوله: "يقول ذلك" أي يقول: إن الصلاة الوسطى هي الظهر. وهذا هو المشهور عن زيد بن ثابت ، وقال أبو عمر : وهو أثبت ما روي عنه.




                                                الخدمات العلمية