الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1089 ص: فإن قال قائل: فما معنى قول ابن عمر -رضي الله عنهما-: لمغيث بن سمي لما غلس ابن الزبير بالفجر: هذه صلاتنا مع رسول الله -عليه السلام- ومع أبي بكر ومع عمر فلما قتل عمر أسفر بها عثمان -رضي الله عنهم-؟

                                                قيل له: يحتمل أن يكون أراد بذلك وقت الدخول فيها لا وقت الخروج منها حتى يتفق ذلك وما روينا قبله، ويكون قوله: "ثم أسفر بها عثمان " أي: ليكون خروجهم في وقت يأمنون فيه، ولا يخافون فيه أن يغتالوا كما اغتيل عمر -رضي الله عنه-.

                                                التالي السابق


                                                ش: تقرير السؤال: أن قول ابن عمر -رضي الله عنهما- لمغيث حين غلس عبد الله بن الزبيري -رضي الله عنهما-: هذه صلاتنا مع رسول -عليه السلام- ومع أبي بكر وعمر ، وهذا يدل على أن النبي -عليه السلام- ما كان يسفر، ولا أبو بكر من بعده، ولا عمر من بعدهما، وأن الإسفار لم يعمل به إلا عثمان -رضي الله عنه- بعد أن طعن عمر في صلاة الصبح؛ خوفا من غفلة الاغتيال، وهذا ينافي ما ذكرتم.

                                                وتقرير الجواب: أن قول ابن عمر -رضي الله عنهما- ذلك محمول على أنه أراد به وقت الدخول في صلاة الفجر فقط، ولم يرد به وقت الخروج منها؛ إذ لو لم يكن المعنى على هذا يقع التضاد بين قول ابن عمر وبين ما روي عن غيره، فيما ذكر في هذا الباب.

                                                فإذا حمل قوله على هذا المعنى تتفق الروايات ولا تتضاد، ومعنى قوله: "أسفر بها عثمان " أي: أسفر ابتداء وانتهاء؛ لأنه كان يخاف الغيلة من الأعداء كما اغتيل [ ص: 414 ] عمر -رضي الله عنه- وكان يسفر من الأول بخلاف أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- فإنهما كانا يسفران بعد أن كانا يشرعان بغلس، فيكون كلهم متفقين في الخروج عنها في الإسفار، وهو المطلوب.

                                                ثم حديث مغيث بن سمي أخرجه الطحاوي في أول هذا الباب في حجج أهل المقالة الأولين.

                                                وأخرجه ابن ماجه والبيهقي في سننيهما.




                                                الخدمات العلمية