80 - باب ذكر ما نعت الله عز وجل به نبيه
محمدا صلى الله عليه وسلم في كتابه من الشرف العظيم ، مما تقر به أعين المؤمنين
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين رحمه الله :
اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الله جل ذكره شرف نبيه
محمدا صلى الله عليه وسلم بأعلى الشرف ، ونعته بأحسن النعت ، ووصفه بأجمل الصفة ، وأقامه في أعلى الرتب .
أخبرنا مولانا الكريم : أنه بعثه بشيرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه ، وسراجا منيرا .
فقال الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا *
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا *
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=47وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=24إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا *
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=24وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) .
قال محمد بن الحسين :
فقد حذر صلى الله عليه وسلم ، وأنذر ، وبشر ، وما قصر . ثم أخبرنا مولانا الكريم : أن
محمدا صلى الله عليه وسلم دعوة أبيه إبراهيم عليه السلام ، ودعوة ابنه
إسماعيل عليه السلام ،
[ ص: 1387 ] وبشر به
عيسى ابن مريم عليه السلام .
قال الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم *
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم *
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=129ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين رحمه الله :
فاستجاب الله عز وجل
لإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، واختص من ذريتهما من أحب ، وهو
محمد صلى الله عليه وسلم ، من أشرف
قريش نسبا ، وأعلاها قدرا ، وأكرمها بيتا ، وأفضلها عنده ، فبعثه بشيرا ونذيرا .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ) .
فأثبت الله عز وجل على النصارى الحجة ببشارة عيسى عليه والسلام لهم
بمحمد صلى الله عليه وسلم . ثم إن الله عز وجل ذكره : أخبر عن أهل الكتابين - اليهود والنصارى - أنهم
[ ص: 1388 ] nindex.php?page=treesubj&link=30589يجدون صفة محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل ، وأنه نبي ، وأوجب عليهم اتباعه ونصرته .
فقال جل ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=156قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون *
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم ) ، إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157المفلحون ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ) ، إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16صراط مستقيم ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=19يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين رحمه الله :
فقطع الله عز وجل حجج أهل الكتابين بما أخبر من صفته في كتبهم ، وأن الذي جاء به
محمد صلى الله عليه وسلم هو النور ، وهو الحق ، وأنه يخرجهم من الظلمات
[ ص: 1389 ] إلى النور ، وأنه يهديهم إلى صراط مستقيم .
ثم أخبر الله عز وجل : أن الذي يدعو إليه
محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق ، وهو الصراط المستقيم ، فأوجب على الخلق - الإنس والجن - قبوله ، وأخبر عن الجن لما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمره الله عز وجل أن يبلغهم ، عرفوا أنه الحق ، فآمنوا وصدقوا واتبعوه .
فقال جل ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين *
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم *
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به ) ، الآية .
ثم قال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=73وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ) .
ثم أخبر عز وجل : أنه يظهر نبيه صلى الله عليه وسلم على كل دين خالفه ، فقال جل وعز : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) .
ثم أخبر الله : أنه لا يتم لأحد الإيمان بالله عز وجل وحده ، حتى يؤمن بالله ورسوله ، ثم أخبر أنه من لم يؤمن بالله ورسوله لم يصح له الإيمان .
[ ص: 1390 ]
فقال جل ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=62إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله ) الآية .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=15إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=13ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=8فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) ، إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=136يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا ) .
[ ص: 1391 ] ثم أعلمنا مولانا الكريم : أن علامة صحة من ادعى محبة الله تعالى : أن يكون محبا لرسوله
محمد صلى الله عليه وسلم ، متبعا له ، وإلا لم تصح له المحبة لله عز وجل .
قال الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=24قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ) .
فجعل الله عز وجل محبة رسوله واتباعه علما ودليلا لصحة محبتهم له ، مع اتباعهم رسوله فيما جاء به وأمر به ، ونهى عنه . ثم أخبر عز وجل أنه من كفر برسوله كمن كفر بالله ، ومن كذب رسوله فقد كذب الله عز وجل .
[ ص: 1392 ]
فقال الله عز وجل في قصة المنافقين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=90وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله ) ، إلى آخر الآية . ثم إن
nindex.php?page=treesubj&link=7862_7918_28980الله عز وجل أمر المؤمنين أن لا يرغبوا بأنفسهم عن نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد معه ، والصبر معه على كل مكروه يلحقهم .
فقال الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=120ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب ) . إلى آخر الآية . ثم إن الله عز وجل أقام نبيه صلى الله عليه وسلم مقام البيان عنه .
فقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ) .
فكان مما بينه لأمته : أن الله عز وجل أوجب عليهم الطهارة والصلاة في كتابه ، ولم يخبر بأوقات الصلاة ، ولا بعدد الركوع ، ولا بعدد السجود ، ولا
[ ص: 1393 ]
بما يجوز من القراءة فيها ، وما تحريمها ؟ وما تحليلها ؟ ولا كثير من أحكامها ، فبين صلى الله عليه وسلم مراد الله عز وجل من ذلك .
وكذلك أوجب الزكاة في كتابه ، ولم يبين كم في الورق ، ولا كم في الذهب ، ولا كم في الغنم ، ولا كم في الإبل ، ولا كم في البقر ، ولا كم في الزرع والثمر ، فبين صلى الله عليه وسلم مراد الله عز وجل من ذلك .
وكذلك الصيام بين ما يحل فيه للصائم ، وما يحرم عليه فيه .
وكذلك فرض الله الحج على عباده ، على من استطاع إليه سبيلا ، ولم يخبر عز وجل كيف الإهلال بالحج ؟ ولا ما يلزم المحرم من كثير من الأحكام ؟ فبينه صلى الله عليه وسلم حالا بعد حال .
وكذلك أحكام الجهاد ، وكذلك أحكام البيع والشراء ، وكذلك حرم الله عز وجل الربا على المسلمين ، وتوعدهم عليه بعظيم من العقاب ، ولم يبين لهم في الكتاب : كيف الربا ؟ فبينه لهم الرسول صلى الله عليه وسلم .
وهذا في كثير من الأحكام ، مما يطول شرحه ، لم يعقل ما في الكتاب إلا
[ ص: 1394 ] ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ، زيادة من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ، فيما أعطاه من الفضائل التي شرفه بها . ثم فرض على جميع الخلق طاعته ، وحرم عليهم معصيته ، وذلك في غير موضع من كتابه ، قرن طاعة رسوله إلى طاعته عز وجل ، وأعلمهم أنه من عصى رسولي فقد عصاني .
قال الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=32قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ) ، وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=131واتقوا النار التي أعدت للكافرين *
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=132وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم *
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ) .
وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون
بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) .
[ ص: 1395 ]
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=20يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=33يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ) .
ثم قال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80من يطع الرسول فقد أطاع الله ) .
قال محمد بن الحسين رحمه الله :
وهذا في القرآن كثير ، في نيف وثلاثين موضعا ، أوجب طاعة رسوله ، وقرنها مع طاعته عز وجل ، ثم حذر خلقه مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن لا يجعلوا أمر نبيه صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم بشيء ، أو نهاهم عن شيء كسائر الخلق ،
[ ص: 1396 ] وأعلمهم عظيم ما يلحق من خالفه من الفتنة التي تلحقه ، فقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا ) ، إلى آخر الآية . ثم إن الله عز وجل أوجب على من حكم عليه النبي صلى الله عليه وسلم حكما أن لا يكون في نفسه حرج أو ضيق لما حكم عليه الرسول ، بل يسلم لحكمه ويرضى .
فقال جل ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) ، والحرج هاهنا : أن لا يشك .
ثم إن الله عز وجل أثنى على من رضي بما حكم له النبي صلى الله عليه وسلم ، وحكم عليه ، ورضي بما أعطاه من الغنيمة ، من قليل أو كثير ، وذم من لم يرض .
فقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون ) . ثم إن الله عز وجل أخبرنا عن أهل النار إذا هم دخلوها كيف
[ ص: 1397 ] يتأسفون على ترك طاعتهم لله ولرسوله ، لم لم يطيعوا الله ورسوله ؟ ، فندموا حيث لم ينفعهم الندم ، وأسفوا حيث لم ينفعهم الأسف .
فقال جل ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=66يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا ) ، الآية .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين رحمه الله :
ألا ترون - رحمكم الله - كيف شرف الله عز وجل نبينا
محمدا صلى الله عليه وسلم في كل حال ، يزيده شرفا إلى شرف في الدنيا والآخرة .
ثم اعلموا يا أمة
محمد يا [ مؤمنون ] أن الله عز وجل أوجب على جميع الخلق أن يعظموا قدر نبيه صلى الله عليه وسلم بالتوقير له والتعظيم ، ولا يرفعوا أصواتهم فوق صوته ، ولا يجهروا عليه في المخاطبة ، كجهر بعضهم لبعض ، بل يخفضوا أصواتهم عند صوته ، كل ذلك إجلالا له ، وأعلمهم أنه من خالف ما أمر به من التعظيم لرسولي ، أنى أحبط عمله وهو لا يشعر .
فقال عز وجل :
[ ص: 1398 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=1يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم *
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=2يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ) . ثم وعد جل وعز من قبل من الله عز وجل ما أمر به في رسوله ، من خفض الصوت والوقار ، المغفرة مع الأجر العظيم ، فقال جل ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=3إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم ) .
ثم قال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) ، الآية .
كل ذلك يحذر عباده مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم يعظم به قدره عندهم . ثم أمر جل ذكره خلقه إذا هم أرادوا أن يناجوا النبي صلى الله عليه وسلم بشيء مما لهم فيه حظ ، ألا يناجوه حتى يقدموا بين يدي نجواهم صدقة ، فكان الرجل إذا أراد
[ ص: 1399 ] أن يناجيه بشيء تصدق بصدقة ، كل ذلك تعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشرف له صلى الله عليه وسلم ، فلما فعلوا ذلك ضاق على بعضهم الصدقة ، واحتاج إلى مناجاته ، فتوقف عن مناجاته ؛ فخفف الله عز وجل ذلك عن المؤمنين ، رأفة منه بهم .
فقال جل وعز في ابتداء الأمر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=12يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر ) .
هذا لمن قدر على الصدقة ، ثم قال تفضلا [ على من لم يجد صدقة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=12فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ) ، ثم قال تفضلا ] على الجميع ، على من قدر على الصدقة وعلى من لم يقدر ، فقال جل وعز : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون ) .
فخفف عنهم الصدقة ، وأمرهم بإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والطاعة له عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم . ثم إن الله جل وعز أعلم جميع خلقه ، وأعلم نبيه صلى الله عليه وسلم : أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وأنه قد تمت نعمة الله عز وجل على نبيه بأن
[ ص: 1400 ] هداه إلى الصراط المستقيم ، وأعلمه أنه ينصره نصرا عزيزا ، فقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إنا فتحنا لك فتحا مبينا *
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما *
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=3وينصرك الله نصرا عزيزا ) . ثم أخبر الله عز وجل أن الذين يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنما يبايعون الله عز وجل لعظيم قدر محمد صلى الله عليه وسلم عند ربه تعالى فقال جل ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=10إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما ) .
ثم أخبرنا جل ذكره برضاه عنهم ، إذ بايعوا نبيه صلى الله عليه وسلم ، وصدقوا في بيعته بقلوبهم ، فقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=18لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ) . ثم أمر الله جل ذكره المؤمنين أن يتأسوا في أمورهم برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) .
[ ص: 1401 ] ثم أوجب الله عز وجل على المؤمنين أن ينصحوا لله عز وجل ولرسوله ، ثم أعلمهم أنه من نصح لله فلينصح لرسولي ، وقرنهما جميعا ، ولم يفرق بينهما ، فقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ) . ثم أخبرنا الله عز وجل أنه من خان رسوله صلى الله عليه وسلم كمن خان الله عز وجل فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=27يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) . ثم حذر الخلق عن أذى رسوله ، لا يؤذوه في حياته ولا بعد موته ، وأخبر أن المؤذي لرسول الله صلى الله عليه وسلم كمن آذى الله عز وجل ، وأخبرنا أن المؤذي لله ولرسوله مستحق اللعنة في الدنيا والآخرة ، فقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=61والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ) .
[ ص: 1402 ]
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=57إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا ) . ثم أخبرنا الله عز وجل أنه من حاد الرسول بالعداوة فقد حاد الله عز وجل فقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ) ، الآية .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=63ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ) . ثم أعلمنا مولانا الكريم أن النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأنه إذا أمر فيهم بأمر فعليهم قبول ما أمر به ، ولا اختيار لهم إلا ما اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ، في أهليهم ، وفي أموالهم ، وفى أولادهم ، فقال جل وعز : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) .
وقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=36وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) إلى آخر الآية . ثم إن
nindex.php?page=treesubj&link=11474_28753_31042الله عز وجل رفع قدر نبيه صلى الله عليه وسلم ، وزاده شرفا إلى شرفه ، وفضله على سائر الخلق ، بأن حرم أزواجه على جميع العالمين أن يتزوجوهن بعد موته ، وهكذا
[ ص: 1403 ] إذا طلق امرأة من نسائه ، دخل بها أو لم يدخل بها ، فقد حرم على كل أحد أن يتزوجها ، لأنهن أمهات المؤمنين ، فقد خصه مولاه الكريم بكل خلق شريف عظيم .
ثم
nindex.php?page=treesubj&link=24459_24460فرض على خلقه أن يصلوا على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأعلمهم أنه يصلي عليه هو وملائكته تشريفا له ، فقال جل ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) ، فصلى الله عليه ، وعلى أهله أجمعين ، في الليل والنهار صلاة له رضا ، ولنا بها مغفرة من الله ورحمة ، إن شاء الله ، وعلى آله الطيبين ، ولا حرمنا الله النظر إليه ، وحشرنا على سنته ، والاتباع لما أمر ، والانتهاء عما نهى .
واعلموا - رحمنا الله وإياكم - لو أن مصليا صلى صلاة فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها في تشهده الأخير ، وجب عليه إعادة الصلاة .
[ ص: 1404 ]
واعلموا - رحمكم الله - أن جميع ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فحرام على الناس مخالفته ، والنهي على التحريم حتى يأتي عنه دلالة على أنه نهى عنه لمعنى دون معنى التحريم ، وإلا فنهيه على التحريم لجميع ما نهى عنه .
قال الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين رحمه الله :
فهذا الذي حضرني ذكره مما شرفه الله عز وجل به في القرآن ، قد ذكرت منه ما فيه بلاغ لمن عقل .
وأنا أذكر بعد هذا مما شرفه الله عز وجل به مما جاءت به السنن عنه ، والآثار عن صحابته حالا بعد حال ، مما يقر الله عز وجل به أعين المؤمنين ، ويزدادون بها إيمانا إلى إيمانهم ، ومحبة للرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيما له ، والله الموفق لذلك ، والمعين عليه .
[ ص: 1405 ]
80 - بَابُ ذِكْرِ مَا نَعَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ نَبِيَّهُ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِهِ مِنَ الشَّرَفِ الْعَظِيمِ ، مِمَّا تَقِرُّ بِهِ أَعْيُنُ الْمُؤْمِنِينَ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14179مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ :
اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ شَرَّفَ نَبِيَّهُ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْلَى الشَّرَفِ ، وَنَعَتَهُ بِأَحْسَنِ النَّعْتِ ، وَوَصَفَهُ بِأَجْمَلِ الصِّفَةِ ، وَأَقَامَهُ فِي أَعْلَى الرُّتَبِ .
أَخْبَرَنَا مَوْلَانَا الْكَرِيمُ : أَنَّهُ بَعَثَهُ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ ، وَسِرَاجًا مُنِيرًا .
فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=45يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا *
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=46وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا *
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=47وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلا كَبِيرًا ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=24إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا *
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=24وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ :
فَقَدَ حَذَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنْذَرَ ، وَبَشَّرَ ، وَمَا قَصَّرَ . ثُمَّ أَخْبَرَنَا مَوْلَانَا الْكَرِيمُ : أَنَّ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْوَةُ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَدَعْوَةُ ابْنِهِ
إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ،
[ ص: 1387 ] وَبَشَّرَ بِهِ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ *
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=129رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14179مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ :
فَاسْتَجَابَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
لِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، وَاخْتَصَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مَنْ أَحَبَّ ، وَهُوَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْ أَشْرَفِ
قُرَيْشٍ نَسَبًا ، وَأَعْلَاهَا قَدْرًا ، وَأَكْرَمِهَا بَيْتًا ، وَأَفْضَلِهَا عِنْدَهُ ، فَبَعَثَهُ بَشِيرًا وَنَذِيرًا .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنَ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) .
فَأَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّصَارَى الْحُجَّةَ بِبِشَارَةِ عِيسَى عَلَيْهِ وَالسَّلَامُ لَهُمْ
بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذِكْرُهُ : أَخْبَرَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ - الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى - أَنَّهُمْ
[ ص: 1388 ] nindex.php?page=treesubj&link=30589يَجِدُونَ صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمُ اتِّبَاعَهُ وَنُصْرَتَهُ .
فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=156قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ *
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ ) ، إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157الْمُفْلِحُونَ ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=15يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ) ، إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=16صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=19يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنَ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٍ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14179مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ :
فَقَطَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حُجَجَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ بِمَا أَخْبَرَ مِنْ صِفَتِهِ فِي كُتُبِهِمْ ، وَأَنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ النُّورُ ، وَهُوَ الْحَقُّ ، وَأَنَّهُ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ
[ ص: 1389 ] إِلَى النُّورِ ، وَأَنَّهُ يَهْدِيَهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَّ الَّذِيَ يَدْعُو إِلَيْهِ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْحَقُّ ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ، فَأَوْجَبَ عَلَى الْخَلْقِ - الْإِنْسِ وَالْجِنِّ - قَبُولَهُ ، وَأَخْبَرَ عَنِ الْجِنِّ لَمَّا سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ ، عَرَفُوا أَنَّهُ الْحَقُّ ، فَآَمَنُوا وَصَدَّقُوا وَاتَّبَعُوهُ .
فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=29وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ *
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=30قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ *
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=31يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ ) ، الْآيَةُ .
ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=73وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) .
ثُمَّ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَّهُ يُظْهِرُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُلِّ دِينٍ خَالَفَهُ ، فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) .
ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ : أَنَّهُ لَا يَتِمُّ لِأَحَدٍ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ ، حَتَّى يُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ لَمْ يَصِحَّ لَهُ الْإِيمَانُ .
[ ص: 1390 ]
فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=62إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ) الْآيَةَ .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=15إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=13وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=8فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ) ، إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=136يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا ) .
[ ص: 1391 ] ثُمَّ أَعْلَمَنَا مَوْلَانَا الْكَرِيمُ : أَنَّ عَلَامَةَ صِحَّةِ مَنِ ادَّعَى مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى : أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِرَسُولِهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مُتَّبِعًا لَهُ ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ لَهُ الْمَحَبَّةُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=24قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهِ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=31قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهَ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .
فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَحَبَّةَ رَسُولِهِ وَاتِّبَاعَهُ عَلَمًا وَدَلِيلًا لِصِحَّةِ مَحَبَّتِهِمْ لَهُ ، مَعَ اتِّبَاعِهِمْ رَسُولَهُ فِيمَا جَاءَ بِهِ وَأَمَرَ بِهِ ، وَنَهَى عَنْهُ . ثُمَّ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ مَنْ كَفَرَ بِرَسُولِهِ كَمَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ، وَمَنْ كَذَّبَ رَسُولَهُ فَقَدْ كَذَّبَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ .
[ ص: 1392 ]
فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ الْمُنَافِقِينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=84وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=90وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ . ثُمَّ إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=7862_7918_28980اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجِهَادِ مَعَهُ ، وَالصَّبْرِ مَعَهُ عَلَى كُلِّ مَكْرُوهٍ يَلْحَقُهُمْ .
فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=120مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ ) . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ . ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَقَامَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامَ الْبَيَانِ عَنْهُ .
فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) .
فَكَانَ مِمَّا بَيَّنَهُ لِأُمَّتِهِ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ فِي كِتَابِهِ ، وَلَمْ يُخْبِرْ بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ ، وَلَا بِعَدَدِ الرُّكُوعِ ، وَلَا بِعَدَدِ السُّجُودِ ، وَلَا
[ ص: 1393 ]
بِمَا يَجُوزُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِيهَا ، وَمَا تَحْرِيمُهَا ؟ وَمَا تَحْلِيلُهَا ؟ وَلَا كَثِيرٌ مِنْ أَحْكَامِهَا ، فَبَيَّنَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ .
وَكَذَلِكَ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي كِتَابِهِ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ فِي الْوَرِقِ ، وَلَا كَمْ فِي الذَّهَبِ ، وَلَا كَمْ فِي الْغَنَمِ ، وَلَا كَمْ فِي الْإِبِلِ ، وَلَا كَمْ فِي الْبَقَرِ ، وَلَا كَمْ فِي الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ ، فَبَيَّنَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ .
وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ بَيَّنَ مَا يَحِلُّ فِيهِ لِلصَّائِمِ ، وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِيهِ .
وَكَذَلِكَ فَرَضَ اللَّهُ الْحَجَّ عَلَى عِبَادِهِ ، عَلَى مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ، وَلَمْ يُخْبِرْ عَزَّ وَجَلَّ كَيْفَ الْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ ؟ وَلَا مَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ ؟ فَبَيَّنَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالًا بَعْدَ حَالٍ .
وَكَذَلِكَ أَحْكَامُ الْجِهَادِ ، وَكَذَلِكَ أَحْكَامُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ، وَكَذَلِكَ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرِّبَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَتَوَعَّدَهُمْ عَلَيْهِ بِعَظِيمٍ مِنَ الْعِقَابِ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فِي الْكِتَابِ : كَيْفَ الرِّبَا ؟ فَبَيَّنَهُ لَهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَهَذَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ ، مِمَّا يَطُولُ شَرْحُهُ ، لَمْ يَعْقِلْ مَا فِي الْكِتَابِ إِلَّا
[ ص: 1394 ] بِبَيَانِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، زِيَادَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا أَعْطَاهُ مِنَ الْفَضَائِلِ الَّتِي شَرَّفَهُ بِهَا . ثُمَّ فَرَضَ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ طَاعَتَهُ ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ مَعْصِيَتَهُ ، وَذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ ، قَرَنَ طَاعَةَ رَسُولِهِ إِلَى طَاعَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ مَنْ عَصَى رَسُولِي فَقَدْ عَصَانِي .
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=32قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنْ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=131وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ *
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=132وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهِ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ *
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) .
وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهَ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا ) .
[ ص: 1395 ]
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=20يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=33يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ) .
ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ) .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ ، فِي نَيْفٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا ، أَوْجَبَ طَاعَةَ رَسُولِهِ ، وَقَرَنَهَا مَعَ طَاعَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ حَذَّرَ خَلْقَهُ مُخَالَفَةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنْ لَا يَجْعَلُوا أَمْرَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَهُمْ بِشَيْءٍ ، أَوْ نَهَاهُمْ عَنْ شَيْءٍ كَسَائِرِ الْخَلْقِ ،
[ ص: 1396 ] وَأَعْلَمَهُمْ عَظِيمَ مَا يَلْحَقُ مَنْ خَالَفَهُ مِنَ الْفِتْنَةِ الَّتِي تَلْحَقُهُ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا ) ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ . ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ عَلَى مَنْ حَكَمَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمًا أَنْ لَا يَكُونَ فِي نَفْسِهِ حَرَجٌ أَوْ ضِيقٌ لِمَا حَكَمَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ ، بَلْ يُسَلِّمُ لِحُكْمِهِ وَيَرْضَى .
فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ، وَالْحَرَجُ هَاهُنَا : أَنْ لَا يَشُكَّ .
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَثْنَى عَلَى مَنْ رَضِيَ بِمَا حَكَمَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَحَكَمَ عَلَيْهِ ، وَرَضِيَ بِمَا أَعْطَاهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ ، مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ ، وَذَمِّ مَنْ لَمْ يَرْضَ .
فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=59وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهُ رَاغِبُونَ ) . ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَنَا عَنْ أَهْلِ النَّارِ إِذَا هُمْ دَخَلُوهَا كَيْفَ
[ ص: 1397 ] يَتَأَسَّفُونَ عَلَى تَرْكِ طَاعَتِهِمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ، لِمَ لَمْ يُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ ، فَنَدِمُوا حَيْثُ لَمْ يَنْفَعْهُمُ النَّدَمُ ، وَأَسِفُوا حَيْثُ لَمْ يَنْفَعْهُمُ الْأَسَفُ .
فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=66يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا ) ، الْآيَةَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14179مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ :
أَلَا تَرَوْنَ - رَحِمَكُمُ اللَّهُ - كَيْفَ شَرَّفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّنَا
مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ حَالٍ ، يَزِيدُهُ شَرَفًا إِلَى شَرَفٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
ثُمَّ اعْلَمُوا يَا أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ يَا [ مُؤْمِنُونَ ] أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ أَنْ يُعَظِّمُوا قَدْرَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْقِيرِ لَهُ وَالتَّعْظِيمِ ، وَلَا يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ فَوْقَ صَوْتِهِ ، وَلَا يَجْهَرُوا عَلَيْهِ فِي الْمُخَاطَبَةِ ، كَجَهْرِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ، بَلْ يَخْفِضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ صَوْتِهِ ، كُلُّ ذَلِكَ إِجْلَالًا لَهُ ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ مَنْ خَالَفَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنَ التَّعْظِيمِ لِرَسُولِي ، أَنَّى أُحْبِطُ عَمَلَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ .
فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
[ ص: 1398 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهِ إِنَّ اللَّهِ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=2يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) . ثُمَّ وَعَدَ جَلَّ وَعَزَّ مَنْ قَبِلَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَمَرَ بِهِ فِي رَسُولِهِ ، مِنْ خَفْضِ الصَّوْتِ وَالْوَقَارِ ، الْمَغْفِرَةَ مَعَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=3إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهِ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ) .
ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=24يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ) ، الْآيَةَ .
كُلُّ ذَلِكَ يُحَذِّرُ عِبَادَهُ مُخَالَفَةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَظِّمِ بِهِ قَدْرَهُ عِنْدَهُمْ . ثُمَّ أَمَرَ جَلَّ ذِكْرُهُ خَلْقَهُ إِذَا هُمْ أَرَادُوا أَنْ يُنَاجُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ مِمَّا لَهُمْ فِيهِ حَظٌّ ، أَلَا يُنَاجُوهُ حَتَّى يُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاهُمْ صَدَقَةً ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ
[ ص: 1399 ] أَنْ يُنَاجِيَهُ بِشَيْءٍ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ، كُلُّ ذَلِكَ تَعْظِيمٌ لِرَّسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَشَرَفٌ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَاقَ عَلَى بَعْضِهِمُ الصَّدَقَةُ ، وَاحْتَاجَ إِلَى مُنَاجَاتِهِ ، فَتَوَقَّفَ عَنْ مُنَاجَاتِهِ ؛ فَخَفَّفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ، رَأْفَةً مِنْهُ بِهِمْ .
فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=12يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ) .
هَذَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ ، ثُمَّ قَالَ تَفْضُّلًا [ عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ صَدَقَةً : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=12فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنْ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ، ثُمَّ قَالَ تَفْضُّلًا ] عَلَى الْجَمِيعِ ، عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَعَلَى مَنْ لَمْ يَقْدِرْ ، فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=13أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهُ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) .
فَخَفَّفَ عَنْهُمُ الصَّدَقَةَ ، وَأَمَرَهُمْ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالطَّاعَةِ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ أَعْلَمَ جَمِيعَ خَلْقِهِ ، وَأَعْلَمَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، وَأَنَّهُ قَدْ تَمَّتْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ بِأَنْ
[ ص: 1400 ] هَدَاهُ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ يَنْصُرُهُ نَصْرًا عَزِيزًا ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا *
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا *
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=3وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ) . ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَعَظِيمِ قَدْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ رَبِّهِ تَعَالَى فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهَ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) .
ثُمَّ أَخْبَرَنَا جَلَّ ذِكْرُهُ بِرِضَاهُ عَنْهُمْ ، إِذْ بَايَعُوا نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَدَقُوا فِي بَيْعَتِهِ بِقُلُوبِهِمْ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=18لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) . ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَأَسَّوْا فِي أُمُورِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهِ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهِ كَثِيرًا ) .
[ ص: 1401 ] ثُمَّ أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَنْصَحُوا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ ، ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ مَنْ نَصَحَ لِلَّهِ فَلْيَنْصَحْ لِرَسُولِي ، وَقَرَنَهُمَا جَمِيعًا ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) . ثُمَّ أَخْبَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ مَنْ خَانَ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَنْ خَانَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=27يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) . ثُمَّ حَذَّرَ الْخَلْقَ عَنْ أَذَى رَسُولِهِ ، لَا يُؤْذُوهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُؤْذِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَنْ آذَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَخْبَرَنَا أَنَّ الْمُؤْذِي لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ مُسْتَحِقٌّ اللَّعْنَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=61وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .
[ ص: 1402 ]
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=57إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ) . ثُمَّ أَخْبَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ مَنْ حَادَّ الرَّسُولَ بِالْعَدَاوَةِ فَقَدْ حَادَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ، الْآيَةَ .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=63أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ) . ثُمَّ أَعْلَمَنَا مَوْلَانَا الْكَرِيمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَأَنَّهُ إِذَا أَمَرَ فِيهِمْ بِأَمْرٍ فَعَلَيْهِمْ قَبُولُ مَا أَمَرَ بِهِ ، وَلَا اخْتِيَارَ لَهُمْ إِلَّا مَا اخْتَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ ، فِي أَهْلِيهِمْ ، وَفِي أَمْوَالِهِمْ ، وَفَى أَوْلَادِهِمْ ، فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=36وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ . ثُمَّ إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11474_28753_31042اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَفَعَ قَدْرَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَزَادَهُ شَرَفًا إِلَى شَرَفِهِ ، وَفَضَّلَهُ عَلَى سَائِرِ الْخَلْقِ ، بِأَنْ حَرَّمَ أَزْوَاجَهُ عَلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ أَنْ يَتَزَوَّجُوهُنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَهَكَذَا
[ ص: 1403 ] إِذَا طَلَّقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، فَقَدْ حَرَّمَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَتَزَوَّجُهَا ، لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَدْ خَصَّهُ مَوْلَاهُ الْكَرِيمُ بِكُلِّ خُلُقٍ شَرِيفٍ عَظِيمٍ .
ثُمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24459_24460فَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ أَنْ يُصَلُّوا عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَعْلَمُهُمْ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ هُوَ وَمَلَائِكَتُهُ تَشْرِيفًا لَهُ ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ، فَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَى أَهْلِهِ أَجْمَعِينَ ، فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ صَلَاةً لَهُ رِضًا ، وَلَنَا بِهَا مَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ ، وَلَا حَرَمَنَا اللَّهُ النَّظَرَ إِلَيْهِ ، وَحَشَرَنَا عَلَى سُنَّتِهِ ، وَالِاتِّبَاعِ لِمَا أَمَرَ ، وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى .
وَاعْلَمُوا - رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ - لَوْ أَنَّ مُصَلِّيًا صَلَّى صَلَاةً فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فِي تَشَهُّدِهِ الْأَخِيرِ ، وَجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ .
[ ص: 1404 ]
وَاعْلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللَّهُ - أَنَّ جَمِيعَ مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَرَامٌ عَلَى النَّاسِ مُخَالَفَتُهُ ، وَالنَّهْيُ عَلَى التَّحْرِيمِ حَتَّى يَأْتِيَ عَنْهُ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ نَهَى عَنْهُ لِمَعْنًى دُونَ مَعْنَى التَّحْرِيمِ ، وَإِلَّا فَنَهْيُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ لِجَمِيعِ مَا نَهَى عَنْهُ .
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14179مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ :
فَهَذَا الَّذِي حَضَرَنِي ذِكْرُهُ مِمَّا شَرَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِي الْقُرْآنِ ، قَدْ ذَكَرْتُ مِنْهُ مَا فِيهِ بَلَاغٌ لِمَنْ عَقَلَ .
وَأَنَا أَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا مِمَّا شَرَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَنُ عَنْهُ ، وَالْآثَارُ عَنْ صَحَابَتِهِ حَالًا بَعْدَ حَالٍ ، مِمَّا يُقِرُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ أَعْيُنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَيَزْدَادُونَ بِهَا إِيمَانًا إِلَى إِيمَانِهِمْ ، وَمَحَبَّةً لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعْظِيمًا لَهُ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِذَلِكَ ، وَالْمُعِينُ عَلَيْهِ .
[ ص: 1405 ]