الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
255 - وحدثنا أبو بكر ابن أبي داود ، قال : حدثنا يزيد بن عبد الصمد ، قال : حدثنا آدم - يعني : ابن أبي إياس - ، قال : حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية في قول الله تعالى : ( أولئك الذين صدقوا ) يقول : " تكلموا بكلام الإيمان ، وحققوه بالعمل " .

قال الربيع بن أنس : وكان الحسن يقول : " الإيمان كلام ، وحقيقته [ ص: 635 ] العمل ، فإن لم يحقق القول بالعمل ، لم ينفعه القول " .

قال محمد بن الحسين :

وكذا ذكر الله تعالى المتقين في كتابه في غير موضع ودخولهم الجنة ، فقال : ( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ) .

وهذا في القرآن كثير ، يطول به الكتاب لو جمعته ؛ مثل قوله في الزخرف : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) إلى قوله : ( وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ) .

ومثل قوله في سورة ق ، وفي الذاريات ، والطور مثل قوله : ( إن المتقين في جنات ونعيم * فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم * كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ) .

وقال تعالى في سورة المرسلات : ( إن المتقين في ظلال وعيون * [ ص: 636 ] وفواكه مما يشتهون * كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ) .

قال محمد بن الحسين :

كل هذا يدل العاقل على أن الإيمان ليس بالتحلي ، ولا بالتمني ، ولكن ما وقر في القلوب ، وصدقته الأعمال كذا قال الحسن وغيره .

وأنا بعد هذا أذكر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جماعة من الصحابة وعن كثير من التابعين أن الإيمان تصديق بالقلب ، وقول باللسان وعمل بالجوارح ، ومن لم يقل عندهم بهذا فقد كفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية