الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فأما عبدة الأوثان من العجم فلا خلاف في جواز استرقاقهم ، وإنما الخلاف في جواز أخذ الجزية منهم فعندنا يجوز ذلك ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز بمنزلة عبدة الأوثان من العرب فإن الله تعالى خص أهل الكتاب بحكم الجزية بقوله تعالى { ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } وزعم الشافعي أن المجوس أهل كتاب أنه فيه أثرا عن علي رضي الله عنه أنه قال : كان لهم كتاب يقرءون إلى أن واقع ملكهم ابنته فأصبحوا وقد أسرى بكتابهم . حديث فيه طول

( وحجتنا ) في ذلك أن الجزية تؤخذ من المجوس بالاتفاق ، ولا كتاب لهم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال { سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب } ففي هذا تنصيص على أنه لا كتاب لهم ، وقال الله تعالى { أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا } ، ولو كان للمجوس كتاب لكانوا ثلاث طوائف ، والأثر بخلاف نص القرآن لا يكاد يصح عن علي رضي الله عنه فثبت أن لا كتاب للمجوس ، ومع ذلك تؤخذ منهم الجزية ، وهم مشركون ، فإنهم يدعون الاثنين ، وإن اختلفت عبارتهم في ذلك من النور والظلمة أو يزدان واهر من ، وليس الشرك إلا هذا ، فإذا جاز أخذ الجزية منهم فكذلك من غيرهم من المشركين ، وقد { أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس هجر } ، وبهذا تبين أن ذكر أهل الكتاب في الآية ليس لتقييد الحكم بل لبيان جواز أخذ الجزية من أهل الكتاب ، ومن أصلنا أن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على أن الحكم فيما عداه بخلافه .

التالي السابق


الخدمات العلمية