الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا قال الإمام : من أصاب شيئا فهو له فأصاب رجل جارية فاستبرأها فإنه لا يطأها ولا يبيعها حتى يخرجها إلى دار الإسلام في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى : يحل له ذلك لأنه اختص بملكها فيحل له وطؤها بعد الاستبراء كالمسلم يشتري جارية في دار الحرب يحل له وطؤها بعد الاستبراء وهذا لأن ملك المنفعة سببه ملك الرقبة وقد تحقق هذا السبب في حقه حين اختص بملكها بتنفيل الإمام وهذا بخلاف اللص في دار الحرب إذا أخذ جارية واستبرأها فإنه لا يحل له وطؤها لأنه ما اختص بملكها .

ألا ترى أنه لو التحق بجيش المسلمين في دار الحرب شاركوه فيها وأبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى قالا : سبب الملك في المنفل القهر فلا يتم إلا بالإحراز بدار الإسلام كما في الغنيمة في حق الجيش وهذا لما بينا أنه قبل الإحراز قاهر يدا مقهور دارا فيكون السبب ثابتا من وجه دون وجه ولا أثر للتنفيل في إتمام القهر إنما تأثير التنفيل في قطع شركة الجيش مع المنفل له فأما سبب الملك للمنفل له ما هو السبب لولا التنفيل وهو القهر فأشبه من هذا الوجه ما أخذه اللص في دار الحرب وهذا لأن لحوق الجيش به موهوم والموهوم لا يعارض الحقيقة فعرفنا أن امتناع ثبوت الحل لعدم تمام القهر بخلاف المشتراة فسبب الملك فيها تم بالعقد والقبض وعلى هذا الخلاف لو قسم الإمام الغنائم في دار الحرب فأصاب رجل جارية فاستبرأها لأن بقسمة الإمام لا ينعدم المانع من تمام القهر وهو كونهم مقهورين دارا ومن أصحابنا من يقول : لما نفذت [ ص: 73 ] القسمة من الإمام تصير هي بمنزلة المشتراة لأن من وقعت في سهمه يملك عينها بالقسمة وقد تم فينبغي أن يحل الوطء عندهم جميعا والأول أظهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية