ولو
nindex.php?page=treesubj&link=21467اشترى طعاما أو جارية أو ملك ذلك بهبة أو ميراث أو صدقة أو وصية فجاء مسلم ثقة فشهد أن هذا لفلان الفلاني غصبه منه البائع أو الواهب أو الميت فأحب إلي أن يتنزه عن أكله وشربه والوضوء منه ووطء الجارية لأن خبر الواحد يمكن ريبة في قلبه والتنزه عن مواضع الريبة أولى وإن لم يتنزه كان في سعة من ذلك لأن المخبر هنا لم يخبر بحرمة العين وإنما أخبر أن من تملك من جهته لم يكن مالكا وهو مكذب في هذا الخبر شرعا فإن الشرع جعل صاحب اليد مالكا باعتبار يده ولهذا لو نازعه فيه غيره كان القول قوله وعلى هذا أيضا لو
nindex.php?page=treesubj&link=21467_320_16294أذن له ذو اليد في تناول طعامه وشرابه فأخبره ثقة أن هذا الطعام والشراب في يده غصب من فلان وذو [ ص: 172 ] اليد يكذبه وهو متهم غير ثقة فإن تنزه عن تناوله كان أولى وإن لم يتنزه كان في سعة وفي الماء إذا لم يجد وضوءا غيره توضأ به ولم يتيمم لأن الشرع جعل القول قول ذي اليد فيما في يده وهذا بخلاف ما سبق لأن هناك المخبر إنما أخبر بملك الغير في المحل وخبره في هذا ليس بحجة وهناك أخبر بحرمة ثابتة في المحل لحق الشرع وخبر الواحد فيه حجة .
( فإن قيل ) الحل والحرمة ليس بصفة للمحل حقيقة وإنما هو صفة للفعل الصادر من المخاطب وهو التناول وقد أخبره بحرمة التناول في الفصلين جميعا ( قلنا ) هذا شيء توهمه بعض أصحابنا وهو غلط عظيم فإنا لو جعلنا الحرمة صفة للفعل حقيقة ثم توصف العين به مجازا كان مشروعا في المحل من وجه وذلك ممتنع بعد ثبوت حرمة الأمهات وحرمة الميتة بالنص ولكن نقول الحرمة صفة العين حقيقة باعتبار أنه خرج شرعا من أن يكون محلا للفعل الحلال وكذلك حقيقة موجبه النفي والنسخ ثم ينتفي الفعل باعتبار انعدام المحل لأن الفعل لا يتصور إلا في المحل كالقتل لا يتصور في الميت وكان هذا إقامة العين مقام الفعل في أن صفة الحرمة تثبت له حقيقة ويتضح ذلك بالتأمل في مورد الشرع فإن الله تعالى في مال الغير نهى عن الأكل فإنه قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } إلى قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم } فعرفنا أن المحرم هو الأكل وفي الميتة قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة } فقد جعل الحرمة صفة للعين وكذلك قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حرمت عليكم أمهاتكم } وبمعرفة حدود كلام صاحب الشرع يحسن الفقه وكذلك من حيث الأحكام
nindex.php?page=treesubj&link=12097من قال لامرأته أنت علي كالميتة كان بمنزلة قوله : أنت علي حرام بخلاف ما لو
nindex.php?page=treesubj&link=12097_21467قال : أنت علي كمتاع فلان فإذا تقرر هذا قلنا : الحرمة الثابتة صفة للعين محض حق الشرع فتثبت بخبر الواحد ولهذا لا يسقط إلا بإذن الشرع وحرمة التناول في طعام الغير ثابتة لحق الغير ولهذا يسقط بإذنه وحق الغير لا يثبت بخبر الواحد فلا تثبت الحرمة أيضا
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=21467اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ مَلَكَ ذَلِكَ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَجَاءَ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ فَشَهِدَ أَنَّ هَذَا لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ غَصَبَهُ مِنْهُ الْبَائِعُ أَوْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَيِّتُ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَالْوُضُوءِ مِنْهُ وَوَطْءِ الْجَارِيَةِ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُمَكِّنُ رِيبَةً فِي قَلْبِهِ وَالتَّنَزُّهُ عَنْ مَوَاضِعِ الرِّيبَةِ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَتَنَزَّهْ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ هُنَا لَمْ يُخْبِرْ بِحُرْمَةِ الْعَيْنِ وَإِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّ مَنْ تَمَلَّكَ مِنْ جِهَتِهِ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا وَهُوَ مُكَذَّبٌ فِي هَذَا الْخَبَرِ شَرْعًا فَإِنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ صَاحِبَ الْيَدِ مَالِكًا بِاعْتِبَارِ يَدِهِ وَلِهَذَا لَوْ نَازَعَهُ فِيهِ غَيْرُهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَعَلَى هَذَا أَيْضًا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=21467_320_16294أَذِنَ لَهُ ذُو الْيَدِ فِي تَنَاوُلِ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ فَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ أَنَّ هَذَا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فِي يَدِهِ غَصْبٌ مِنْ فُلَانٍ وَذُو [ ص: 172 ] الْيَدِ يُكَذِّبُهُ وَهُوَ مُتَّهَمٌ غَيْرُ ثِقَةٍ فَإِنْ تَنَزَّهَ عَنْ تَنَاوُلِهِ كَانَ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَتَنَزَّهْ كَانَ فِي سَعَةٍ وَفِي الْمَاءِ إذَا لَمْ يَجِدْ وَضُوءًا غَيْرَهُ تَوَضَّأَ بِهِ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَ ذِي الْيَدِ فِيمَا فِي يَدِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ لِأَنَّ هُنَاكَ الْمُخْبِرُ إنَّمَا أَخْبَرَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ فِي الْمَحَلِّ وَخَبَرُهُ فِي هَذَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَهُنَاكَ أَخْبَرَ بِحُرْمَةٍ ثَابِتَةٍ فِي الْمَحَلِّ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ فِيهِ حُجَّةٌ .
( فَإِنْ قِيلَ ) الْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ لَيْسَ بِصِفَةٍ لِلْمَحَلِّ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ لِلْفِعْلِ الصَّادِرِ مِنْ الْمُخَاطَبِ وَهُوَ التَّنَاوُلُ وَقَدْ أَخْبَرَهُ بِحُرْمَةِ التَّنَاوُلِ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا ( قُلْنَا ) هَذَا شَيْءٌ تَوَهَّمَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ غَلَطٌ عَظِيمٌ فَإِنَّا لَوْ جَعَلْنَا الْحُرْمَةَ صِفَةً لِلْفِعْلِ حَقِيقَةً ثُمَّ تُوصَفُ الْعَيْنُ بِهِ مَجَازًا كَانَ مَشْرُوعًا فِي الْمَحَلِّ مِنْ وَجْهٍ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ بَعْدَ ثُبُوتِ حُرْمَةِ الْأُمَّهَاتِ وَحُرْمَةِ الْمَيْتَةِ بِالنَّصِّ وَلَكِنْ نَقُولُ الْحُرْمَةُ صِفَةُ الْعَيْنِ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ خَرَجَ شَرْعًا مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْفِعْلِ الْحَلَالِ وَكَذَلِكَ حَقِيقَةً مُوجِبُهُ النَّفْيُ وَالنَّسْخُ ثُمَّ يَنْتَفِي الْفِعْلُ بِاعْتِبَارِ انْعِدَامِ الْمَحَلِّ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الْمَحَلِّ كَالْقَتْلِ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمَيِّتِ وَكَانَ هَذَا إقَامَةَ الْعَيْنِ مَقَامَ الْفِعْلِ فِي أَنَّ صِفَةَ الْحُرْمَةِ تَثْبُتُ لَهُ حَقِيقَةً وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِالتَّأَمُّلِ فِي مَوْرِدِ الشَّرْعِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي مَالِ الْغَيْرِ نَهَى عَنْ الْأَكْلِ فَإِنَّهُ قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ } إلَى قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ } فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الْأَكْلُ وَفِي الْمَيْتَةِ قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ } فَقَدْ جَعَلَ الْحُرْمَةَ صِفَةً لِلْعَيْنِ وَكَذَلِكَ قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } وَبِمَعْرِفَةِ حُدُودِ كَلَامِ صَاحِبِ الشَّرْعِ يَحْسُنُ الْفِقْهُ وَكَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْأَحْكَامُ
nindex.php?page=treesubj&link=12097مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=12097_21467قَالَ : أَنْتَ عَلَيَّ كَمَتَاعِ فُلَانٍ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا قُلْنَا : الْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ صِفَةً لِلْعَيْنِ مَحْضُ حَقِّ الشَّرْعِ فَتَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِإِذْنِ الشَّرْعِ وَحُرْمَةُ التَّنَاوُلِ فِي طَعَامِ الْغَيْرِ ثَابِتَةٌ لِحَقِّ الْغَيْرِ وَلِهَذَا يَسْقُطُ بِإِذْنِهِ وَحَقُّ الْغَيْرِ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ أَيْضًا