. باب الرجل يرى الرجل يقتل أباه أو يره
( قال ) : وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=9212_9290رأى الرجل رجلا يقتل أباه متعمدا فأنكر القاتل أن يكون قتله أو قال لابنه فيما بينه وبينه إني قتلته لأنه قتل ولي فلانا عمدا أو لأنه ارتد عن الإسلام ولا يعلم الابن مما قال القاتل شيئا ولا وارث للمقتول غيره فالابن في سعة من قتل القاتل لأنه تيقن بالسبب الموجب لحل دمه للقاتل فكان له أن يقتص منه معتمدا على قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33فقد جعلنا لوليه سلطانا } وعلى قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14641العمد قود } وحاصل المسألة على أربعة أوجه : أحدها إذا عاين قتله والثاني إذا أقر عنده أنه قتله فهذا ومعاينة القتل سواء لأن الإقرار موجب بنفسه حتى لا يملك المقر الرجوع عن إقراره فهذا ومعاينة السبب سواء والثالث أن يقيم البينة بأنه قتل أباه فيقضي له القاضي بالقود فهو في سعة من قتله لأن قضاء القاضي ملزم فيثبت به السبب المطلق لاستيفاء القود له .
والرابع أن يشهد عنده شاهدا عدل أن هذا الرجل قتل أباه فليس له أن يقتله بشهادة لأن الشهادة لا توجب الحق ما لم يتصل بها قضاء القاضي فلا يتقرر عنده السبب المطلق لاستيفاء القود بمجرد الشهادة ما لم ينضم إليه القضاء والذي بينا في الابن كذلك في غيره إذا عاين القتل أو سمع إقرار القاتل به أو عاين قضاء القاضي به كان في سعة من أن يعين الابن على قتله لأنه يعينه على استيفاء حقه وذلك من باب البر والتقوى ولو شهد عنده بذلك شاهدان لم يسعه أن يعينه على قتله بشهادتهما حتى يقضي القاضي له بذلك وإن
nindex.php?page=treesubj&link=9212_16036أقام القاتل عند الابن شاهدين عدلين أن أباه كان قتل أبا هذا الرجل عمدا فقتله به لم ينبغ للابن أن يعجل بقتله حتى ينظر فيما شهدا به لأنهما لو شهدا بذلك عند القاضي حكم ببطلان حقه فكذلك إذا شهدا عنده وكذلك لا ينبغي لغيره أن يعينه على ذلك إذا شهد عنده عدلان لما قلنا أو بأنه كان مرتدا حتى يتثبت فيه وهذا لأن القتل إذا وقع فيه الغلط لا يمكن تداركه فيتثبت فيه حتى يكون إقدامه عليه عن بصيرة وإن
nindex.php?page=treesubj&link=9212_27107_15989_15970شهد بذلك عنده محدودان في قذف أو عبدان أو نسوة عدول لا رجل معهن أو فاسقان فهو في سعة من قتله لأنهما لو شهدا بذلك عند القاضي لم يمنعه من قتله بل يعينه على ذلك فكذلك إذا شهدوا عنده .
وإن تثبت فيه فهو خير له لأنه أقرب إلى الاحتياط فإن القتل لا يمكن تداركه إذا وقع فيه الغلط وفرق بين القصاص وحد القذف فقال القاذف
[ ص: 182 ] إذا أقام أربعة من الفساق يشهدون على صدق مقالته لا يقام عليه حد القذف والقاتل إذا أقام فاسقين على العفو أو على أن قتله كان بحق لا يسقط القود عنه والفرق أن هناك السبب الموجب للحد لم يتقرر فإن نفس القذف ليس بموجب للحد لأنه خبر متمثل بين الصدق والكذب وإنما يصير موجبا بعجزه عن إقامة أربعة من الشهداء ولم يظهر ذلك العجز لأن للفساق شهادة وإن لم تكن مقبولة والموجب للقود هو القتل وقد تقرر ذلك فالعفو بعده مسقط وهذا المسقط لا يظهر إلا بقبول شهادته وليس للفاسق شهادة مقبولة وبيان هذا أن الله تعالى قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } والمعطوف على الشرط شرط وفي باب القتل أوجب القود بنفس القتل فقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178كتب عليكم القصاص في القتلى } ثم قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45 : فمن تصدق به فهو كفارة له } فعرفنا أن العفو مسقط بعد الوجوب لا أن يكون عدم العفو مقررا سبب الوجوب وإن
nindex.php?page=treesubj&link=9212_15970_16075_16076شهد بذلك عنده شاهد عدل ممن يجوز شهادته فقال القاتل : عندي شاهد آخر مثله ففي القياس له أن يقتله لأن المانع لا يظهر بشهادة الواحد وفي الاستحسان لا يعجل بقتله حتى ينظر أيأتيه بآخر أم لا لأنه لو أقام شاهد عدل عند القاضي وادعى أن له شاهدا آخر حاضرا أمهله إلى آخر مجلسه فكذلك الولي يمهله حتى يأتي بشاهد آخر وإن قتله كان في سعة لأن السبب المثبت لحقه مقرر والمانع لم يظهر
. بَابُ الرَّجُلِ يَرَى الرَّجُلَ يَقْتُلُ أَبَاهُ أَوْ يَرَهُ
( قَالَ ) : وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=9212_9290رَأَى الرَّجُلُ رَجُلًا يَقْتُلُ أَبَاهُ مُتَعَمِّدًا فَأَنْكَرَ الْقَاتِلُ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ أَوْ قَالَ لِابْنِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إنِّي قَتَلْتُهُ لِأَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّ فُلَانًا عَمْدًا أَوْ لِأَنَّهُ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَا يَعْلَمْ الِابْنُ مِمَّا قَالَ الْقَاتِلُ شَيْئًا وَلَا وَارِثَ لِلْمَقْتُولِ غَيْرُهُ فَالِابْنُ فِي سَعَةٍ مِنْ قَتْلِ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ لِحِلِّ دَمِهِ لِلْقَاتِلِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ مُعْتَمِدًا عَلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا } وَعَلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14641الْعَمْدُ قَوَدٌ } وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا إذَا عَايَنَ قَتْلَهُ وَالثَّانِي إذَا أَقَرَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَهَذَا وَمُعَايَنَةُ الْقَتْلِ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مُوجِبٌ بِنَفْسِهِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْمُقِرُّ الرُّجُوعَ عَنْ إقْرَارِهِ فَهَذَا وَمُعَايَنَةُ السَّبَبِ سَوَاءٌ وَالثَّالِثُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ فَيَقْضِيَ لَهُ الْقَاضِي بِالْقَوَدِ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ قَتْلِهِ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي مُلْزِمٌ فَيَثْبُتُ بِهِ السَّبَبُ الْمُطْلَقُ لِاسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ لَهُ .
وَالرَّابِعُ أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدَا عَدْلٍ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَتَلَ أَبَاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِشَهَادَةٍ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُوجِبُ الْحَقَّ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَضَاءُ الْقَاضِي فَلَا يَتَقَرَّرُ عِنْدَهُ السَّبَبُ الْمُطْلَقُ لِاسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الْقَضَاءُ وَاَلَّذِي بَيَّنَّا فِي الِابْنِ كَذَلِكَ فِي غَيْرِهِ إذَا عَايَنَ الْقَتْلَ أَوْ سَمِعَ إقْرَارَ الْقَاتِلِ بِهِ أَوْ عَايَنَ قَضَاءَ الْقَاضِي بِهِ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَنْ يُعِينَ الِابْنَ عَلَى قَتْلِهِ لِأَنَّهُ يُعِينُهُ عَلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ وَذَلِكَ مِنْ بَابِ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يُعِينَهُ عَلَى قَتْلِهِ بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي لَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=9212_16036أَقَامَ الْقَاتِلُ عِنْدَ الِابْنِ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ قَتَلَ أَبَا هَذَا الرَّجُلِ عَمْدًا فَقَتَلَهُ بِهِ لَمْ يَنْبَغِ لِلِابْنِ أَنْ يُعَجِّلَ بِقَتْلِهِ حَتَّى يَنْظُرَ فِيمَا شَهِدَا بِهِ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي حَكَمَ بِبُطْلَانِ حَقِّهِ فَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَا عِنْدَهُ وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِغَيْرِهِ أَنْ يُعِينَهُ عَلَى ذَلِكَ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ لِمَا قُلْنَا أَوْ بِأَنَّهُ كَانَ مُرْتَدًّا حَتَّى يَتَثَبَّتَ فِيهِ وَهَذَا لِأَنَّ الْقَتْلَ إذَا وَقَعَ فِيهِ الْغَلَطُ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ فَيَتَثَبَّتُ فِيهِ حَتَّى يَكُونَ إقْدَامُهُ عَلَيْهِ عَنْ بَصِيرَةٍ وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=9212_27107_15989_15970شَهِدَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ مَحْدُودَانِ فِي قَذْفٍ أَوْ عَبْدَانِ أَوْ نِسْوَةٌ عُدُولٌ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ أَوْ فَاسِقَانِ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ قَتْلِهِ لِأَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ قَتْلِهِ بَلْ يُعِينُهُ عَلَى ذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا شَهِدُوا عِنْدَهُ .
وَإِنْ تَثَبَّتَ فِيهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ فَإِنَّ الْقَتْلَ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ إذَا وَقَعَ فِيهِ الْغَلَطُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ فَقَالَ الْقَاذِفُ
[ ص: 182 ] إذَا أَقَامَ أَرْبَعَةً مِنْ الْفُسَّاقِ يَشْهَدُونَ عَلَى صِدْقِ مَقَالَتِهِ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَالْقَاتِلُ إذَا أَقَامَ فَاسِقَيْنِ عَلَى الْعَفْوِ أَوْ عَلَى أَنَّ قَتْلَهُ كَانَ بِحَقٍّ لَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ هُنَاكَ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلْحَدِّ لَمْ يَتَقَرَّرْ فَإِنَّ نَفْسَ الْقَذْفِ لَيْسَ بِمُوجِبٍ لِلْحَدِّ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مُتَمَثِّلٌ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُوجِبًا بِعَجْزِهِ عَنْ إقَامَةِ أَرْبَعَةٍ مِنْ الشُّهَدَاءِ وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ الْعَجْزُ لِأَنَّ لِلْفُسَّاقِ شَهَادَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَقْبُولَةً وَالْمُوجِبُ لِلْقَوَدِ هُوَ الْقَتْلُ وَقَدْ تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَالْعَفْوُ بَعْدَهُ مُسْقِطٌ وَهَذَا الْمُسْقِطُ لَا يَظْهَرُ إلَّا بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَلَيْسَ لِلْفَاسِقِ شَهَادَةٌ مَقْبُولَةٌ وَبَيَانُ هَذَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ } وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الشَّرْطِ شَرْطٌ وَفِي بَابِ الْقَتْلِ أَوْجَبَ الْقَوَدَ بِنَفْسِ الْقَتْلِ فَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } ثُمَّ قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=45 : فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ } فَعَرَفْنَا أَنَّ الْعَفْوَ مُسْقِطٌ بَعْدَ الْوُجُوبِ لَا أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الْعَفْوِ مُقَرِّرًا سَبَبَ الْوُجُوبِ وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=9212_15970_16075_16076شَهِدَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ شَاهِدٌ عَدْلٌ مِمَّنْ يَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَقَالَ الْقَاتِلُ : عِنْدِي شَاهِدٌ آخَرُ مِثْلُهُ فَفِي الْقِيَاسِ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ لِأَنَّ الْمَانِعَ لَا يَظْهَرُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُعَجِّلُ بِقَتْلِهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيَأْتِيهِ بِآخَرَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ شَاهِدَ عَدْلٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَادَّعَى أَنَّ لَهُ شَاهِدًا آخَرَ حَاضِرًا أَمْهَلَهُ إلَى آخِرِ مَجْلِسِهِ فَكَذَلِكَ الْوَلِيُّ يُمْهِلُهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِشَاهِدٍ آخَرَ وَإِنْ قَتَلَهُ كَانَ فِي سَعَةٍ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُثْبِتَ لِحَقِّهِ مُقَرَّرٌ وَالْمَانِعُ لَمْ يَظْهَرْ