4821 ص: وأما وجه النظر في ذلك: فإن قوما قالوا:
nindex.php?page=treesubj&link=26616_33073_3351ليس المشي فيما يوجبه نذر; لأن فيه تعبا للأبدان، وليس الماشي في حال مشيه في حرمة إحرام، فلم يوجبوا عليه المشي ولا بدلا من المشي.
فنظرنا في ذلك، فرأينا الحج فيه الطواف
بالبيت والوقوف
بعرفة وبجمع، . وكان الطواف منه ما يفعله الرجل في حال إحرامه وهو طواف الزيارة، ومنه ما يفعله بعد أن يحل من إحرامه وهو طواف الصدر، فكان ذلك كله إذ كان من أسباب الحج قد أريد أن يفعله الرجل ماشيا، وكان من فعله راكبا مقصرا، وجعل عليه الدم، هذا إذا كان فعله لا من عذر، وإن كان فعله من علة فإن الناس مختلفون في ذلك، فقال بعضهم: لا شيء عليه. وممن قال بذلك:
أبو حنيفة 5 وأبو يوسف 5 ومحمد -رحمهم الله-.
وقال بعضهم: عليه دم. وهذا هو النظر عندنا; لأن العلل إنما تسقط الآثام في انتهاك الحرمات، ، ولا تسقط الكفارات، ألا ترى أن الله -عز وجل- قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فكان
nindex.php?page=treesubj&link=3438حلق الرأس حراما على المحرم في إحرامه إلا من عذر، فإن حلقه فعليه الإثم والكفارة، وإن اضطر إلى
[ ص: 61 ] حلقه فحلقه، فعليه الكفارة ولا إثم عليه، فكان العذر تسقط به الآثام ولا تسقط به الكفارات، فكان يجب في النظر أن يكون كذلك
nindex.php?page=treesubj&link=33020_3522حكم الطواف بالبيت، إذا كان من طافه راكبا للزيارة لا من عذر فعليه دم; إلا أن يكون من طافه من عذر راكبا كذلك أيضا.
فهذا حكم النظر في هذا الباب، وهو قياس قول
زفر . -رحمه الله- ولكن
أبا حنيفة 5 وأبا يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمدا لم يجعلوا على من طاف
بالبيت طواف الزيارة راكبا من عذر شيئا.
فلما ثبت بالنظر ما ذكرنا، كان كذلك المشي لما رأيناه، قد يجب بعد فراغ الإحرام إذ كان من أسبابه، كما يجب في الإحرام، كان كذلك المشي الذي قبل الإحرام من أسباب الإحرام، حكمه حكم المشي الواجب في الإحرام; فلما كان على تارك المشي الواجب في الإحرام دم; كان على تارك هذا المشي الواجب قبل الإحرام دم أيضا، وذلك واجب عليه في حال قوته على المشي، وفي حال عجزه عنه في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف ومحمد أيضا; وذلك دليل لنا صحيح على ما بيناه من حكم الطواف في حال القوة عليه، وفي حال العجز عنه.
4821 ص: وَأَمَّا وَجْهُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ: فَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا:
nindex.php?page=treesubj&link=26616_33073_3351لَيْسَ الْمَشْيُ فِيمَا يُوجِبُهُ نَذْرٌ; لِأَنَّ فِيهِ تَعَبًا لِلْأَبْدَانِ، وَلَيْسَ الْمَاشِي فِي حَالِ مَشْيِهِ فِي حُرْمَةِ إِحْرَامٍ، فَلَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ الْمَشْيَ وَلَا بَدَلًا مِنَ الْمَشْيِ.
فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَرَأَيْنَا الْحَجَّ فِيهِ الطَّوَافُ
بِالْبَيْتِ وَالْوُقُوفُ
بِعَرَفَةَ وَبِجَمْعٍ، . وَكَانَ الطَّوَافُ مِنْهُ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ وَهُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ، وَمِنْهُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ أَنْ يَحُلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ وَهُوَ طَوَافُ الصَّدْرِ، فَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ إِذْ كَانَ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجِّ قَدْ أُرِيدَ أَنْ يَفْعَلَهُ الرَّجُلُ مَاشِيًا، وَكَانَ مَنْ فَعَلَهُ رَاكِبًا مُقَصِّرًا، وَجُعِلَ عَلَيْهِ الدَّمُ، هَذَا إِذَا كَانَ فَعَلَهُ لَا مِنْ عُذْرٍ، وَإِنْ كَانَ فَعَلَهُ مِنْ عِلَّةٍ فَإِنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ:
أَبُو حَنِيفَةَ 5 وَأَبُو يُوسُفَ 5 وَمُحَمَّدٌ -رَحِمَهُمُ اللَّهُ-.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَيْهِ دَمٌ. وَهَذَا هُوَ النَّظَرُ عِنْدَنَا; لِأَنَّ الْعِلَلَ إِنَّمَا تُسْقِطُ الْآثَامَ فِي انْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ، ، وَلَا تُسْقِطُ الْكَفَّارَاتِ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَكَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=3438حَلْقُ الرَّأْسِ حَرَامًا عَلَى الْمُحْرِمِ فِي إِحْرَامِهِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، فَإِنْ حَلَقَهُ فَعَلَيْهِ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى
[ ص: 61 ] حَلْقِهِ فَحَلَقَهُ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، فَكَانَ الْعُذْرُ تَسْقُطُ بِهِ الْآثَامُ وَلَا تَسْقُطُ بِهِ الْكَفَّارَاتُ، فَكَانَ يَجِبُ فِي النَّظَرِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=33020_3522حُكْمُ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، إِذَا كَانَ مَنْ طَافَهُ رَاكِبًا لِلزِّيَارَةِ لَا مِنْ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ; إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ طَافَهُ مِنْ عُذْرٍ رَاكِبًا كَذَلِكَ أَيْضًا.
فَهَذَا حُكْمُ النَّظَرِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلٍ
زُفَرَ . -رَحِمَهُ اللَّهُ- وَلَكِنَّ
أَبَا حَنِيفَةَ 5 وَأَبَا يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدًا لَمْ يَجْعَلُوا عَلَى مَنْ طَافَ
بِالْبَيْتِ طَوَافَ الزِّيَارَةِ رَاكِبًا مِنْ عُذْرٍ شَيْئًا.
فَلَمَّا ثَبَتَ بِالنَّظَرِ مَا ذَكَرْنَا، كَانَ كَذَلِكَ الْمَشْيُ لِمَا رَأَيْنَاهُ، قَدْ يَجِبُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِحْرَامِ إِذْ كَانَ مِنْ أَسْبَابِهِ، كَمَا يَجِبُ فِي الْإِحْرَامِ، كَانَ كَذَلِكَ الْمَشْيُ الَّذِي قَبْلَ الْإِحْرَامِ مِنْ أَسْبَابِ الْإِحْرَامِ، حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَشْيِ الْوَاجِبِ فِي الْإِحْرَامِ; فَلَمَّا كَانَ عَلَى تَارِكِ الْمَشْيِ الْوَاجِبِ فِي الْإِحْرَامِ دَمٌ; كَانَ عَلَى تَارِكِ هَذَا الْمَشْيِ الْوَاجِبِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ دَمٌ أَيْضًا، وَذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي حَالِ قُوَّتِهِ عَلَى الْمَشْيِ، وَفِي حَالِ عَجْزِهِ عَنْهُ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَيْضًا; وَذَلِكَ دَلِيلٌ لَنَا صَحِيحٌ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ حُكْمِ الطَّوَافِ فِي حَالِ الْقُوَّةِ عَلَيْهِ، وَفِي حَالِ الْعَجْزِ عَنْهُ.