الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5045 ص: وقد وافق ذلك أيضا وشده ما قد روي عن النبي -عليه السلام- وإن كان منقطعا: حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا أبو عامر ، قال: ثنا سليمان بن بلال ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن البيلماني " ، أن رسول الله -عليه السلام- أتى برجل من المسلمين قد قتل معاهدا من أهل الذمة، فأمر به فضربت عنقه، وقال: أنا أولى من وفى بذمته". .

                                                حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا يحيى بن سلام ، عن محمد بن أبي حميد المدني ، عن محمد بن المنكدر ، عن النبي -عليه السلام- مثله.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد وافق ما ذكرناه من التأويل في حديث علي بن أبي طالب من أن المراد من الكافر في قوله: "لا يقتل مؤمن بكافر" هو الكافر الحربي لا المعاهد، وشده -أي أحكمه- ما قد روي عن النبي -عليه السلام-وإن كان منقطعا، فالمنقطع وإن لم يتم به الاستدلال ولكنه يصلح شاهدا ومؤيدا وشادا، وهذان مرسلان منقطعان، ورجالهما ثقات.

                                                الأول: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، عن سليمان بن بلال القرشي ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن المدني المعروف بربيعة [ ص: 358 ] الرأي، شيخ مالك ، عن عبد الرحمن بن البيلماني، مولى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.

                                                وأخرجه أبو داود في "المراسيل": ثنا محمد بن داود بن أبي ناجية الإسكندراني، ثنا ابن وهب، حدثني سليمان بن بلال، حدثني ربيعة ، عن عبد الرحمن بن البيلماني حدثه: "أن رسول الله -عليه السلام- أتي برجل ...." إلى نحوه.

                                                الثاني: عن سليمان بن شعيب الكيساني ، عن يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة التميمي البصري نزيل مصر، عن محمد بن أبي حميد إبراهيم الزرقي الأنصاري ، عن محمد بن المنكدر بن عبد الله المدني .

                                                وأخرجه ابن حزم: من حديث يحيى بن سلام ، عن محمد بن أبي حميد ، عن ابن المنكدر ، عن النبي -عليه السلام- نحوه. ثم قال: وهما مرسلان ولا حجة في مرسل.

                                                وأخرج البيهقي من حديث ابن البيلماني مرفوعا متصلا: أنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، أنا علي بن عمر الحافظ، ثنا الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاوي، أخبرني جدي سعيد بن محمد الرهاوي، أن عمار بن مطر حدثهم، ثنا إبراهيم بن محمد الأسلمي ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن ابن البيلماني ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - "أن رسول الله -عليه السلام- قتل مسلما بمعاهد، وقال: أنا أكرم من وفى بذمته" ثم قال البيهقي: أخطأ عمار بن مطر في إسناد هذا الحديث من وجهين:

                                                أحدهما: في قوله: عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وإنما يرويه إبراهيم بن محمد بن المنكدر ، عن عبد الرحمن بن البيلماني .

                                                والآخر: في ذكر ابن عمر فيه، وإنما رواه إبراهيم بهذا الإسناد مرسلا دون ذكر ابن عمر فيه، وهذا غير مستساغ من عمار بن مطر الرهاوي، فقد كان [ ص: 359 ] يقلب الأسانيد ويسرق الأحاديث، حتى كثر ذلك في رواياته، وسقط عن حد الاحتجاج به.

                                                قلت: المنقطع إذا روي من وجه آخر متصلا كان حجة، والاعتبار لمن وصله لا لمن قطعه، ولكن الصواب هاهنا الانقطاع؛ لأن عمار بن مطر متروك الحديث، وقد قلنا: إن المنقطع إذا كان إسناده صحيحا يصلح للاستشهاد والتقوية. والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية