6419 ص: وليس الحديث الذي رويناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي -عليه السلام- في أول هذا الباب مخالف لذلك عندنا؛ لأنه يحتمل وجوها:
أحدها: أن يكون كما قال أهل المقالة الأولى، ويحتمل أن يكون أراد بقوله:
nindex.php?page=treesubj&link=33499 "الخمر من هاتين الشجرتين" إحداهما فعمهما بالخطاب وأراد إحداهما دون الأخرى كما قال الله -عز وجل-:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وإنما يخرج من أحدهما، وكما قال -عز وجل-:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=130يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم والرسل من الإنس لا من الجن، وكما قال رسول الله -عليه السلام- في حديث
عبادة بن الصامت : - رضي الله عنه - إذ أخذ على أصحابه في البيعة كما أخذ على النساء أن لا يشركوا ولا يسرقوا ولا يزنوا ثم قال: "فمن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارة له".
6422 حدثنا بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس ، قال: ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11811أبي إدريس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت ، - رضي الله عنه -، عن النبي -عليه السلام-.
وقد علمنا أن من أشرك ، فعوقب بشركه فليس ذلك بكفارة له، فدل ما ذكرنا أنه إنما أراد بقوله -عليه السلام-: "فمن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به". أنه إنما أراد ما سوى الشرك ، مما ذكر في هذا الحديث، فلما كانت هذه الأشياء قد جاء ظاهرها على الجميع، وباطنها على خاص من ذلك، احتمل أيضا أن يكون قوله: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=660681nindex.php?page=treesubj&link=17187_17190_17221الخمر [ ص: 41 ] من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة" . ظاهر ذلك عليهما وباطنه على إحداهما، فتكون الخمر المقصودة في ذلك من العنبة لا من النخلة.
ويحتمل أيضا قوله: "الخمر من هاتين الشجرتين" أن يكون عنى به الشجرتين جميعا، ويكون ما خمر من ثمرهما خمرا، كما ذهب إليه
أبو حنيفة ،
وأبو يوسف ،
ومحمد ، -رحمهم الله- في نقيع الزبيب والتمر، فجعلوه خمرا.
ويحتمل قوله: "الخمر من هاتين الشجرتين" أن يكون أراد أن الخمر منهما وإن كانت مختلفة على أنها من العنب ما قد عقلنا من الخمر، وعلى أنها من التمر ما يسكر، فيكون خمر العنب هي عصير العنب إذا اشتد، وخمر التمر هي المقدار من نبيذ التمر الذي يسكر.
فلما احتمل هذا الحديث هذه الوجوه التي ذكرنا لم يكن الأخذ بأحدها أولى من بقيتها، ولم يكن لمتأول أن يتأوله على أحدها إلا كان لخصمه أن يتأوله على ضد ذلك.
6419 ص: وَلَيْسَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=treesubj&link=33499 "الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ" إِحْدَاهُمَا فَعَمَّهُمَا بِالْخِطَابِ وَأَرَادَ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى كَمَا قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَكَمَا قَالَ -عَزَّ وَجَلَّ-:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=130يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ وَالرُّسُلُ مِنَ الْإِنْسِ لَا مِنَ الْجِنِّ، وَكَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي حَدِيثِ
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ : - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِذْ أَخَذَ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي الْبَيْعَةِ كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ لَا يُشْرِكُوا وَلَا يَسْرِقُوا وَلَا يَزْنُوا ثُمَّ قَالَ: "فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ".
6422 حَدَّثَنَا بِذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=17418يُونُسُ ، قَالَ: ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11811أَبِي إِدْرِيسَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-.
وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ أَشْرَكَ ، فَعُوقِبَ بِشِرْكِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِكَفَّارَةٍ لَهُ، فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: "فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ". أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ مَا سِوَى الشِّرْكِ ، مِمَّا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَدْ جَاءَ ظَاهِرُهَا عَلَى الْجَمِيعِ، وَبَاطِنُهَا عَلَى خَاصٍّ مِنْ ذَلِكَ، احْتَمَلَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=660681nindex.php?page=treesubj&link=17187_17190_17221الْخَمْرُ [ ص: 41 ] مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ" . ظَاهِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا وَبَاطِنُهُ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَتَكُونُ الْخَمْرُ الْمَقْصُودَةُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْعِنَبَةِ لَا مِنَ النَّخْلَةِ.
وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا قَوْلُهُ: "الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ" أَنْ يَكُونَ عَنَى بِهِ الشَّجَرَتَيْنِ جَمِيعًا، وَيَكُونُ مَا خَمُرَ مِنْ ثَمَرِهِمَا خَمْرًا، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
أَبُو حَنِيفَةَ ،
وَأَبُو يُوسُفَ ،
وَمُحَمَّدٌ ، -رَحِمَهُمُ اللَّهُ- فِي نَقِيعِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ، فَجَعَلُوهُ خَمْرًا.
وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: "الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ" أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّ الْخَمْرَ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً عَلَى أَنَّهَا مِنَ الْعِنَبِ مَا قَدْ عَقَلْنَا مِنَ الْخَمْرِ، وَعَلَى أَنَّهَا مِنَ التَّمْرِ مَا يُسْكِرُ، فَيَكُونُ خَمْرُ الْعِنَبِ هِيَ عَصِيرَ الْعِنَبِ إِذَا اشْتَدَّ، وَخَمْرُ التَّمْرِ هِيَ الْمِقْدَارَ مِنْ نَبِيذِ التَّمْرِ الَّذِي يُسْكِرُ.
فَلَمَّا احْتَمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ هَذِهِ الْوُجُوهَ الَّتِي ذَكَرْنَا لَمْ يَكُنِ الْأَخْذُ بِأَحَدِهَا أَوْلَى مِنْ بَقِيَّتِهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِمُتَأَوِّلٍ أَنْ يَتَأَوَّلَهُ عَلَى أَحَدِهَا إِلَّا كَانَ لِخَصْمِهِ أَنْ يَتَأَوَّلَهُ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ.