الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6019 ص: وقد روي عن رسول الله -عليه السلام- في ذلك أيضا ما قد حدثنا سليمان بن شعيب ، قال: ثنا يحيى بن حسان ، قال: ثنا حماد بن سلمة ، عن سعيد بن إياس الجريري ، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير ، عن أخيه المطرف بن الشخير ، عن عثمان بن أبي العاص أنه قال: "قال لي رسول الله -عليه السلام-: اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا".

                                                فكره رسول الله -عليه السلام- الأذان بالأجر.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن النبي -عليه السلام- في أخذ الأجرة عن العبادة القولية مثل الأذان وقراءة القرآن.

                                                [ ص: 363 ] أخرجه بإسناد صحيح، عن سليمان بن شعيب الكيساني ، والجريري -بضم الجيم وفتح الراء الأولى- نسبة إلى جرير بن عباد أخي الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل .

                                                و"الشخير" بكسر الشين المعجمة وتشديد الخاء المعجمة.

                                                وأخرجه أبو داود: عن موسى بن إسماعيل ، عن حماد ، عن سعيد الجريري عن أبي العلاء ، عن مطرف ، عن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - قال: "قلت يا رسول الله، اجعلني إمام قومي، قال: أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا".

                                                وأخرجه النسائي وابن ماجه أيضا.

                                                قوله: "اتخذ مؤذنا" يعني اجعل مؤذنا لا يأخذ على الأذان أجرة، وكلمة: "على" هاهنا للتعليل كاللام، والمعنى لا يأخذ لأجل أذانه أجرا، نحو قوله تعالى: ولتكبروا الله على ما هداكم أي لهدايته إياكم، وهذا قول أكثر العلماء.

                                                وكان مالك يقول: لا بأس به، وترخص فيه، وقال الأوزاعي: الإجارة مكروهة ولا بأس بالجعل. ومنع منه إسحاق بن راهويه، وقال الحسن: أخشى أن لا تكون صلاته خالصة لله، وكرهه الشافعي، وقال: لا يرزق الإمام المؤذن إلا من خمس الخمس سهم النبي -عليه السلام-؛ فإنه مرصد لمصالح الدين، ولا يرزقه من غيره، وكذلك عندنا أخذ الأجرة على الحج والإمامة وتعليم القرآن والفقه، ولكن المتأخرين جوزوا على التعليم والإمامة في زماننا لحاجة الناس إليه، وظهور التواني في الأمور الدينية، وكسل الناس في الاحتساب، وعليه الفتوى.




                                                الخدمات العلمية