6472 [ ص: 108 ] ص: وقد روي في ذلك أيضا عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - ما حدثنا علي بن معبد ، قال: ثنا يونس بن محمد، قال: ثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه قال: "بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا ومعاذا إلى اليمن، ، فقلنا: يا رسول الله، إن بها شرابين يصنعان من البر والشعير أحدهما يقال له: المزر، ، والآخر يقال له: البتع، ، فما نشرب؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اشربا، ولا تسكرا".
6473 حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء ، قال: أنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه قال: "بعثني رسول الله -عليه السلام- أنا ومعاذا إلى اليمن، . فقلنا: إنك بعثتنا إلى أرض كثير شراب أهلها. فقال: اشربا، ولا تشربا مسكرا".
6474 حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد ، قال: ثنا الفضيل بن مرزوق ، عن أبي إسحاق ... ، فذكر بإسناده مثله.
فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي موسى 5 ومعاذ بن جبل - رضي الله عنهما - حين سألاه عن البتع: " : اشربا ولا تسكرا" أو: "لا تشربا مسكرا" كان ذلك دليلا أن حكم المقدار الذي يسكر من ذلك الشراب خلاف حكم ما لا يسكر منه، فدل ذلك أن ما ذكر أبو موسى عن رسول الله -عليه السلام- مما ذكرناه عنه في الفصل الأول من قوله: "كل مسكر حرام" إنما هو على المقدار الذي لا يسكر، لا على العين التي كثيرها يسكر.
وقد روينا حديث أبي سلمة، ، عن عائشة ، - رضي الله عنها - في جواب النبي -عليه السلام- للذي سأله عن البتع بقوله: "كل شيء أسكر فهو حرام". فإن جعلنا ذلك على قليل الشراب الذي يسكر كثيره ضاد جواب النبي -عليه السلام- لمعاذ وأبي موسى، وإن جعلناه على تحريم السكر خاصة لا على تحريم الشراب في عينه وافق حديث أبي موسى. . وأولى الأشياء بنا حمل الآثار على الوجوه التي لا تتضاد إذا حملت عليها.


