5979 ص: وقد دل على ذلك أيضا ما قد حكم به أصحاب رسول الله -عليه السلام- وتابعوهم من بعده، فيمن بنى في أرض قوم بغير إذنهم بناء ، فروي عنهم في ذلك ما قد حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر الضرير ، قال: أنا حماد بن سلمة ، أن عامرا الأحول أخبرهم، عن عمرو بن شعيب: " ، أن عمر بن الخطاب قال في رجل بنى في دار بناء، ثم جاء أهلها فاستحقوها، قال: إن كان بنى بأمرهم فله بيته، وإن كان بنى بغير إذنهم فله نقضه".
5980 وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر، قال: ثنا أبو عوانة ، عن جابر الجعفي ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - مثله.
5981 وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عمر الضرير، قال: ثنا أبو عوانة ، عن جابر الجعفي ، عن شريح .
5982 وحدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا أبو عمر الضرير ، قال: قال حماد بن سلمة: ، عن حميد الطويل ، أخبرهم: "أن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - قد كتب مثل ذلك فيمن بنى بدار قوم، وفيمن غرس في أرض قوم".
أفلا نرى أنهم قد جعلوا النقض لصاحب البناء، ولم يجعلوه لصاحب الأرض، فالزرع في النظر أيضا كذلك، والذي قد حملنا عليه معنى حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه - الذي رويناه في هذا الباب أولى مما حمله عليه من خالفنا؛ ليتفق ذلك وما رواه البياضي عن رسول الله -عليه السلام- ولا يتضادان، وقد روينا عن رافع بن خديج في باب "المزارعة" الذي قبل هذا الباب: "أن رسول الله -عليه السلام- قد مر بزرع له، فسأله عنه، فقال: هو زرعي، والأرض لآل فلان، والبذر من قبلي بنصف ما يخرج، فقال له رسول الله -عليه السلام-: لقد أربيت، خذ نفقتك".
[ ص: 352 ] فلم يكن ذلك على معنى خذ نفقتك من رب الأرض؛ لأن رب الأرض لم يأمره بالإنفاق لنفسه، ولكن معنى ذلك خذ نفقتك مما خرج من الزرع وتصدق بما بقي.
فما قد رويناه عن رافع عن رسول الله -عليه السلام- فيمن قد زرع في أرض غيره وفي جعله له نفقته كذلك أيضا، وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ومحمد بن الحسن -رحمهم الله-.


