وقال تعالى : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [النساء : 48] .
هذا الحكم يشمل جميع طوائف الكفار من أهل الكتاب ، وغيرهم ، ولا يختص بكفار أهل الحرب ؛ لأن اليهود قالوا : عزير ابن الله ، وقالت النصارى : المسيح ابن الله ، وقالوا : ثالث ثلاثة .
ولا خلاف بين المسلمين أن ، لم يكن من أهل المغفرة التي يفضل الله بها على غير أهل الشرك حسبما تقتضيه مشيئته . المشرك إذا مات على شركه
وأما غير أهل الشرك من عصاة المسلمين ، فداخلون تحت المشيئة : يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء [آل عمران : 129] .
قال : قد أبانت هذه الآية أن ابن جرير عز [ ص: 239 ] وجل - : إن شاء عذبه ، وإن شاء عفا عنه ، ما لم تكن كبيرته شركا بالله - عز وجل - . صاحب كل كبيرة في مشيئة الله
وظاهره : أن المغفرة منه سبحانه تكون لمن اقتضته مشيئته تفضلا منه ، ورحمة ، وإن لم تقع من ذلك المذنب توبة .
وقيد ذلك المعتزلة بالتوبة .
وقد قال تعالى : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم [النساء : 31] ، وهي تدل على أنه سبحانه يغفر سيئات من اجتنب الكبائر ، فيكون مجتنب الكبائر ممن قد شاء الله غفران سيئاته .
عن بسند صحيح ، قال: ابن عمر إن الله لا يغفر [النساء : 48] الآية .
وقال : «إني ادخرت دعوتي ، وشفاعتي لأهل الكبائر من أمتي » ، فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا . كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا من نبينا صلى الله عليه وسلم:
وعن ، قال في هذه الآية : إن الله حرم المغفرة على من مات وهي مشرك كافر ، وأرجى أهل التوحيد إلى مشيئته ، فلم يؤيسهم عن المغفرة . ابن عباس
وأخرج وحسنه عن الترمذي - رضي الله عنه - ، قال: ما في القرآن أحب إلي من هذه الآية . علي
وعن ، قال: جابر
قال : «من مات لا يشرك بالله شيئا ، دخل الجنة ، ومن مات يشرك به ، دخل النار » أخرجه جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله ! ما الموجبتان ؟ . مسلم
ومن يشرك بالله ؟ [النساء : 48] ؛ أي : يجعل معه شريكا غيره ، إظهار في موضع الإضمار لإدخال الروع .
فقد افترى ؛ أي : اختلق ، وافتعل . [ ص: 240 ]
والافتراء كما يطلق على القول حقيقة ، يطلق على الفعل مجازة . صححه التفتازاني .
إثما عظيما ؛ أي : ذنبا كبيرا غير مغفور إن مات عليه .
فيه دلالة على أن ، وأنه لا يغفر في حال من الأحوال -أعاذنا الله منه - . الشرك أعظم من جميع الآثام