الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن خصائص الإلهية : الكمال المطلق من جميع الوجوه ، الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه ، وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها له وحده ، والتعظيم ، والإجلال ، والخشية ، والدعاء والرجاء ، والإنابة ، والتوكل ، والتوبة ، والاستعانة ، وغاية الحب مع غاية الذل ، كل ذلك يجب عقلا ، وشرعا ، وفطرة [ ص: 376 ] أن يكون لله تعالى وحده ، ويمتنع عقلا ، وشرعا ، وفطرة أن يكون لغيره ، فمن فعل شيئا من ذلك لغيره سبحانه ، فقد شبه ذلك الغير بمن لا شبيه له ، ولا مثل له ، ولا ند له ، وذلك أقبح التشبيه ، وأبطله .

فلهذه الأمور وغيرها أخبر سبحانه أنه لا يغفره ، مع أنه كتب على نفسه الرحمة .

هذا معنى كلام ابن القيم -رحمه الله - .

قال : وفي الآية رد على الخوارج المكفرين بالذنوب ، وعلى المعتزلة القائلين بأن أصحاب الكبائر مخلدون في النار .

وليس هؤلاء بمؤمنين ، ولا بكفار ، ولا يجوز أن يحمل قوله : ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء على التائب .

فإن التائب من الشرك مغفور له كما قال تعالى : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا .

فهاهنا عمم ، وأطلق ؛ لأن المراد به : التائب ، وهناك خص وعلق ؛ لأن المراد به من لم يتب .

هذا ملخص قول شيخ الإسلام ابن تيمية الإمام -رحمه الله تعالى - .

* * * [ ص: 377 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية