الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفيه : بيان أن دعوة غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شر جلي ؛ كطلب الشفاعة من الأموات ؛ فإنها ملك لله ، وبيده ، ليس بيد غيره منها شيء ، وهو الذي يأذن للشفيع أن يشفع فيمن لاقى الله بالإخلاص ، والتوحيد من أهل الكبائر ، والله أعلم .

وأخرج الترمذي ، وحسنه عن أنس -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله -تبارك وتعالى - : يا بن آدم ! إنك ما دعوتني ، ورجوتني ، غفرت لك على ما كان منك ، ولا أبالي ، يا بن آدم ! لو بلغت ذنوبك [ ص: 399 ] عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ، يا بن آدم إنك لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا ، لأتيتك بقرابها مغفرة » ذكره في «المشكاة » في باب : الاستغفار .

وقد روى الإمام أحمد حديث أبي ذر بمعناه ، ولفظه : «ومن عمل قراب الأرض خطايا ، ثم لقيني لا يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة » رواه مسلم ، وأخرجه الطبراني من حديث ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

و «القراب » -بضم القاف ، وقيل : بكسرها ، والضم أشهر - ، وهو: ملؤها ، أو ما يقارب ملأها .

والمعنى : أن العصاة كلهم قد عصوا في الدنيا .

فإن فرعون كان في هذه الدار الفانية ، وكذلك هامان ، بل الشيطان اللعين ، والإبليس الرجيم أيضا في الدنيا .

فكل ذنب صدر من هؤلاء لو فعله أحد من الناس ، ولم يكن مشركا ، بل كان موحدا ، فالله يغفره بمقدار ذنوبه هذه كلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية