وقال تعالى : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك   [النور : 3] ؛ يعني : أن الغالب أن المائل إلى الزنا لا يرغب في نكاح الصوالح ، والزانية لا يرغب فيها الصلحاء .
قال  ابن عباس   : ليس هذا بالنكاح ، ولكن الجماع : لا يزني بها حين تزني إلا زان ، أو مشرك .  [ ص: 261 ] 
وحرم ذلك على المؤمنين  ؛ أي : الزنا ، أو نكاح الزواني  ؛ لما فيه من التشبه بالفسقة ، والتعرض للتهمة ؛ والطعن في النسب ، والتسبب بسوء المقالة وغير ذلك من المفاسد . 
ومجالسة الخاطئين كم فيها من التعرض لاقتراف الآثام ، فكيف بمزاوجة البغايا ، والقحاب ، والمشركات بالله ؟ ! 
فعلى المؤمن ألا يدخل نفسه تحت هذه الآية ، ويتصون عنها . 
وفي الآية إشارة إلى ذم الشرك  ، وإلى أن أهله لا ينبغي النكاح بهم ، والمصاهرة معهم . 
وقال تعالى في حق الصحابة ، الذين هم سلف هذه الأمة ، وأئمتها : يعبدونني لا يشركون بي شيئا   [النور : 55] ؛ أي : غير مشركين بي في العبادة شيئا من الأشياء . 
وقيل : معناها : لا يراؤون بعبادتي أحدا ، والرياء شرك . 
وقيل : لا يخافون أحدا غيري . قاله  ابن مسعود   . 
وقيل : لا يحبون غيري . 
ولا مانع من الحمل على الجميع . 
وقال تعالى : وادع إلى ربك   [الحج : 87] ؛ أي : إلى الله ، وإلى توحيده ، والعمل بفرائضه ، واجتناب معاصيه . 
ولا تكونن من المشركين  له في جميع أحوالكم في الدنيا ، وعند البعث ، ليجزي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، لا إلى غيره - سبحانه وتعالى - . 
وقال تعالى : وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم   [لقمان : 15] ؛ أي : إن طلب والداك منك أن تشرك بالله فيه شيئا من الأشياء ، وألزماك أن تشرك بي إلها ، ليس لك علم بكونه إلها ، فلا تطعهما  في الإشراك .  [ ص: 262 ] 
وإذا لم تجز طاعة الأبوين في هذه المطلب ، مع المجاهدة منهما له ، فعدم جوازها مع مجرد الطلب بدون مجاهدة منهما أولى . 
ويلحق بطلب الشرك منهما سائر معاصي الله ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق »  . 
قال تعالى : ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون   [الروم : 12] . قال الفراء  ،  والزجاج   : المبلس : الساكت المنقطع في حجته ، الذي أيس أن يهتدي إليها . 
ولم يكن لهم  ؛ أي : المشركين من شركائهم  الذين عبدوهم من دون الله ، وأشركوهم ، وهم الأصنام ليشفعوا لهم شفعاء  ويجيرونهم من عذاب الله . 
وكانوا  في ذلك الوقت بشركائهم  ؛ أي : بآلهتهم الذين جعلوهم شركاء : كافرين  ؛ أي : جاحدين لكونهم آلهة ؛ لأنهم علموا إذ ذاك أنهم لا ينفعون ، ولا يضرون . 
وقال تعالى : منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا   [الروم : 31] بالله ؛ أي : ممن يشرك به غيره في العبادة . 
وقال تعالى : ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون   [الروم : 33] . 
تعجب من أحوالهم ما صاروا إليه من الاعتراف بوحدانية الله سبحانه عند نزول الشدائد ، والرجوع إلى الشرك عند رفع ذلك عنهم. 
وقال -سبحانه وتعالى - : وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم   [لقمان : 13] . 
نهاه أن يقع منه إشراك في المستقبل . 
وبدأ في وعظه بنهيه عن الشرك ؛ لأنه أهم من غيره . 
وإنما كان ظلما عظيما ؛ لأنه تسوية بين من لا نعمة إلا وهي منه ، وبين من لا له نعمة وأصلا .  [ ص: 263 ] 
وقال تعالى : وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم   [لقمان : 15] ؛ أي : لا علم لك بشركته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					