الشرك في العادات ، والأفعال 
والشيء الرابع : أن الله تعالى أمر عباده ، وكلفهم بأن يذكروه سبحانه في جميع أمورهم الدنيوية ، ولا ينسوه أبدا ، أو يعظموه دائما ليصح إيمانهم ، ولا يدخله الشرك ، وتحصل البركة في أمورهم ، وينحل بذلك مشكلهم ، وتسهل مصاعبهم في الأوقات المعضلة ، والحالات الصعبة ؛ كالنذر له سبحانه ، ودعائه عند حلول البلية ، والبداية باسمه الشريف عند فعل كل فعل ، والأخذ في كل أمر ذي بال ، وإذا ولد لأحد ذكر ، أو أنثى يذبح حيوانا على اسمه تعالى ، ويسميه : عبد الله ، أو عبد الرحمن ، أو خدا بخش ، أو إله ديا ، أو أمة الله ، أو إله دي . 
ويجعل من الحرث ، والبستان شيئا له ، وكذا في قطيعة الغنم ، ومن الأنعام ، وبعث الهدي إلى بيته الحرام ، والائتمار بأمره ، والانتهاء بنهيه في المأكل ، والمشارب ، والمناكح ، والمساكن ، والمراكب ، وفي كل شيء . 
فما أمر به يأتي به ، وما نهي عنه ينتهي عنه ما استطاع . 
وكل ما يحدث من الخصب ، والجدب ، والصحة ، والسقم ، والعافية ، والمرض ، والفتح ، والهزيمة ، والإقبال ، والإدبار ، والراحة ، والغم ، والفرح ، والترح ، والعسر ، واليسر ، والثروة ، والجاه ، ونقص الأنفس ، والثمرات ، وحياة الأولاد ، ومماتها . 
فهذا كله من الله تعالى ، وبإرادته ، ومشيئته ، وقدره ، وقضائه . 
ليس شيء من هذه بيد أحد غيره ، كائنا من كان ، وفي أي مكان كان ، وفي  [ ص: 297 ] أي رتبة من مراتب الصلاح ، والتقوى ، أو الفسوق ، والفجور ظهر . 
وإذا أراد أن يفعل شيئا ، فليقل : إن شاء الله تعالى ، فيقدم ذكر إرادة الله تعالى على إرادة نفسه . 
كيف وقد قال تعالى : وما تشاءون إلا أن يشاء الله   [الإنسان : 30] . 
فيقول عند إرادة شيء من الأشياء : إن شاء الله أفعل كذا ، وأعمل كذا ، وأصنع كذا ، ويسميه على وجه يظهر منه تعظيم اسمه وذكره -تعالى شأنه - . 
ويفهم منه مالكيته ، وعبودية هذا القائل بذلك ؛ كقوله : إن شاء ربنا ، ومالكنا ، وخالقنا ، ورازقنا . 
وإذا حلف ، فليحلف به سبحانه ، لا بغيره ؛ لأن من حلف بغير الله ، فقد أشرك . 
فمثل هذه الأمور جعلها الله تعالى لتعظيمه ، وإجلاله ، وتكريمه خاصة له . 
فمن صنع هذا بأحد من الأنبياء ، أو الأولياء ، أو الأئمة ، والشهداء ، أو الجن ، والطواغيت ، والشياطين ، والخبث والخبائث ، كما ينذر لهم مثلا عند الإشكال ، وإعضال الحال ، أو يغوث باسمه في شدائد الأمور ، أو يوجب على نفسه النذر له عند ولادة الأولاد ، أو يسميها بعبد النبي ، أو عبد الرسول ، أو عبد الحسن ، أو عبد الحسين ، أو إمام بخش ، أو بير بخش ، أو يجعل شيئا من حرثه ، وبستانه لهم ، ويقدم نصيبهم من الحرث والفواكه عند الحصاد والجني ، ثم يبذله في حاجاته . 
أو يجعل شركا لهم في قطائع الأغنام ، والأنعام ، ويسيبها على أسمائهم ، ويتأدب معها ، ولا يدفعها من الماء والحبوب ، ولا يضربها لا بالحجر ، ولا بالمدر ، ولا بالخشب ، ولا بالعصا . 
أو يستند في المأكل ، والمشارب ، والملابس بالرسوم الواهية المنقولة عن الآباء والأجداد ، والأقارب ، والعشائر ، والشيوخ ، والأساتذة ، والعلماء الجامدين على تقليد الأسلاف .  [ ص: 298 ] 
ويقول : لا يجوز لفلان أكل الطعام الفلاني ، وكذا الثوب الفلاني ، واللباس الفلاني . 
كما يقال : لا يأكل من القصعة التي هي على اسم حضرة الخاتون ؛ يعني :  فاطمة الزهراء   -رضي الله عنها - الرجال ، ولا الإماء ، ولا المرأة التي نكحت ثانية ، ولا يأكل زاد شاه عبد الحق من يستعمل القليان ، كل ما يعتري من الخير والشر في هذه الدنيا ينسبه إليهم ، فيقول : جن فلان بلعنة الشيخ الفلاني ، واحتاج فلان لطرد الشيخ الفلاني ، وبلغ العلا بعناية الشيخ الفلاني ، وحصل الفتح وجاء الإقبال بأفضال الولي الفلاني . 
وكان القحط من نوء كذا وكذا . 
وكان الأمر الفلاني بسبب الكوكب الفلاني ، وبتأثيره . 
ولم تحصل الحاجة الفلانية لأنها شرعت في ساعة كذا ، ووقت كذا . 
أو يقول : إن شاء الله ، وشاء الرسول يكون كذا ، أو : إن شاء الشيخ الفلاني ، أو الولي الفلاني يكون هذا الأمر ، وإن لم يشأ لا يكون . 
أو يقول في محاورته : يا مالك الملك ! أو : يا ملك الملوك ! أو : يا رازق ! أو ما في معنى هذا من ألفاظ اللغة الفارسية ، والهندية ، كخدا وندخدائكان ، وشاهنشاه ، وأن داتا ، ومهاراج . 
أو يحلف عند الحاجة باسم نبي ، أو ولي ، أو ملك ، أو سلطان ، أو إمام ، أو شيخ ، أو أستاذ ، أو باسم الوالد ، والجد ، أو برأس أحد ، أو بقبره ، ونحو ذلك. 
فهذا كله شرك ، ويقال له : الإشراك في العادات   . 
يعني : يعظم غيره تعالى في مجاري عاداته ، وفحاوي حالاته ، ومطاوي خطاباته كتعظيم الله تعالى .  [ ص: 299 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					