ذكر إسلام أبي قحافة عثمان بن عامر والد أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما  
روى  الإمام أحمد ،  والطبراني برجال ثقات ، ومحمد بن عمر ،   والبيهقي  عن  أسماء بنت أبي بكر الصديق   - رضي الله عنهما - قالت : لما كان عام الفتح ، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي طوى ،  قال أبو قحافة  لابنة له - قال  البلاذري   - - اسمها أسماء ،  قال محمد بن عمر  تسمى : 
قريبة   - ضد بعيدة ، كانت من أصغر ولده : يا بنية ، أشرفي بي على أبي قبيس   - وقد كف بصره - فأشرفت به عليه ، فقال : أي بنية!! ماذا ترين ؟ ” قالت : أرى سوادا مجتمعا كثيرا ، وأرى رجلا يشتد بين ذلك السواد مقبلا ومدبرا ، فقال : ذلك الرجل الوازع ، ثم قال : ماذا ترين ؟ قالت : أرى السواد قد انتشر وتفرق ، فقال : والله إذن انتشرت الخيل ، فأسرعي بي إلى بيتي ، فخرجت سريعا حتى إذا هبطت به الأبطح  لقيتها الخيل ، وفي عنقها طوق لها من ورق ، فاقتلعه إنسان  [ ص: 233 ] من عنقها ، 
فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد ، خرج  أبو بكر  بأبيه - رضي الله عنهما - يقوده ، وكان رأس أبي قحافة  ثغامة ، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه” ؟ فقال  أبو بكر :  يا رسول الله ، هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه ، فأجلسه بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدره ، وقال : أسلم تسلم ، فأسلم ، ثم قام  أبو بكر  فأخذ بيد أخته فقال : أنشدكم بالله والإسلام طوق أختي ، فو الله ما جاء به أحد ، ثم قال الثالثة فما جاء به أحد ، فقال : يا أخية ، احتسبي طوقك ، فو الله إن الأمانة في الناس اليوم لقليل . 
وروى  البيهقي  بسند جيد قوي عن ابن وهب  قال : أخبرني  ابن جريج  عن  أبي الزبير  عن  جابر :  أن  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - أخذ بيد أبي قحافة ،  فأتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما وقف به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : غيروه ولا تقربوه سوادا . 
قال ابن وهب : وأخبرني عمر بن محمد  عن  زيد بن أسلم :  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هنأ  أبا بكر  بإسلام أبيه . 
وروى  الإمام أحمد ،   وابن حبان  عن  أنس   - رضي الله عنه - قال : جاء  أبو بكر  بأبيه أبي قحافة  إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة يحمله حتى وضعه بين يديه فقال  لأبي بكر :  «لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه” - تكرمة  لأبي بكر   - فأسلم ورأسه ولحيته كالثغامة ، فقال غيروهما قال  قتادة  هو أول مخضوب في الإسلام .  وروى  مسلم  عن  جابر  قال : أتي بأبي قحافة  عام الفتح ورأسه ولحيته مثل الثغامة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «غيروا هذا بشيء وجنبوه السواد”  . 
قال  البلاذري :  ورمى بعض المسلمين أبا قحافة  فشجه ، وأخذت قلادة أسماء  ابنته ، فأدركه  أبو بكر  وهو يستدمي ، فمسح الدم عن وجهه انتهى . 
قالوا : وجاء  خالد بن الوليد  إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له : «لم قاتلت ، وقد نهيت عن القتال” ؟ قال : هم يا رسول الله بدءونا بالقتال ، ورشقونا النبل ، ووضعوا فينا السلاح ، وقد كففت ما استطعت ، وقد دعوتهم إلى الإسلام ، وأن يدخلوا فيما دخل فيه الناس ، فأبوا ، حتى إذا لم أجد بدا قاتلتهم فظفرنا الله - تعالى - عليهم ، فهربوا في كل وجه يا رسول الله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «كف عن الطلب” قال : قد فعلت : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «قضاء الله خير” ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «كفوا السلاح إلا خزاعة  عن بني بكر  إلى صلاة العصر” فخبطوهم  [ ص: 234 ] ساعة ، وهي الساعة التي أحلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تحل لأحد قبله . 
				
						
						
