الباب الثاني عشر في آدابه- صلى الله عليه وسلم- بعد السلام 
وفيه أنواع : 
الأول : في جعله يمينه للناس ويساره للقبلة بعد السلام واستقبالهم حالة الدعاء .  
روى مسلم ،  وأبو داود  ، عن  البراء-  رضي الله تعالى عنه- قال : «إذا صلينا خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أحببنا أن نكون عن يمينه ، فيقبل علينا بوجهه»  . 
وروى الإمام  أحمد  عن يزيد بن الأسود-  رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى الصبح في حجة الوداع ، ثم انحرف جالسا واستقبل الناس بوجهه ، فثار الناس يأخذون بيده ويمسحون بها وجوههم ، قال : فأخذت بيده فمسحت بها وجهي ، فوجدتها أبرد من الثلج ، وأطيب ريحا من المسك»  . 
وروى محمد بن يحيى بن أبي عمر   وأبو يعلى   وابن حبان  عن يزيد بن الأسود السوائي  قال : «حججنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع فصلى صلاة الصبح ، فانحرف فاستقبل الناس بوجهه- صلى الله عليه وسلم- فإذا هو برجلين من وراء الناس . . » الحديث .  [ ص: 164 ] 
وروى الشيخان عن  سمرة بن جندب   - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا صلى صلاة الصبح أقبل علينا بوجهه»  . 
وروى الشيخان عن  أنس   - رضي الله تعالى عنه- قال : «أخر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الصلاة ذات ليلة إلى شطر الليل ، ثم خرج ، فلما صلى أقبل علينا بوجهه . . الحديث»  . 
وروى الشيخان عن زيد بن خالد الجهني   - رضي الله تعالى عنه- قال : «صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح بالحديبية  على أثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف أقبل على الناس  . . » الحديث . 
الثاني : في رفعه- صلى الله عليه وسلم- صوته بالذكر بعد الصلاة .  
روى الإمام  الشافعي  ، والشيخان ،  وأبو داود  ،  والنسائي  ، عن  ابن عباس   - رضي الله تعالى عنهما- أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال  ابن عباس :  كنت أعلم إذا انصرفوا بعد ذلك إذا سمعته ، وفي رواية : كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالتكبير  . 
ويأتي حديث  عبد الله بن الزبير ،  في رفعه- صلى الله عليه وسلم- صوته بالذكر في الباب الرابع عشر . 
الثالث : في مكثه- صلى الله عليه وسلم- مكان صلاته حتى يذهب الناس وتطلع الشمس .  
روى  مسلم  عن  جابر بن سمرة   - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الفجر قعد حتى تطلع الشمس حسنا»  . 
وروى الإمام  أحمد  عن  أبي أمامة-  رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : «لأن أقعد من حين تصلى الصبح إلى أن تشرق الشمس أحب إلي من عتق أربع رقاب ، ولأن أقعد من حين تصلى العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من عتق أربع رقاب»  .  [ ص: 165 ] 
الرابع : في مقدار ما يقعد- صلى الله عليه وسلم- بعد السلام .  
روى  مسلم  عن  عائشة   - رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول : «اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت ذا الجلال والإكرام»  . 
والظاهر أن هذا القعود الذي كان عليه في الصلاة ، ثم يجعل يمينه للناس ويساره للقبلة جمعا بين الأحاديث فيحرر ذلك ، والله سبحانه وتعالى أعلم .  [ ص: 166 ] 
				
						
						
