الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثالث : في سيرته- صلى الله عليه وسلم- في قضاء الفوائت .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين قفل من غزوة خيبر سار ليلة حتى إذا أدركه الكرى عرس ، وقال لبلال : «اكلأ لنا الليل» ، فصلى بلال ما قدر له ، ونام ونام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ، فلما تقارب الفجر استند بلال إلى راحلته مواجه الفجر ، فغلبت بلالا عيناه وهو مستند إلى راحلته فلم يستيقظ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا بلال ، ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس ، فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أولهم استيقاظا ، ففزع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «أي بلال» فقال بلال : أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال : «اقتادوا» - وفي لفظ : «تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة» ، فاقتادوا رواحلهم شيئا ، ثم توضأ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأمر بلالا فأقام الصلاة ، فصلى بهم الصبح ، فلما قضى الصلاة قال : «من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها ، فإن الله عز وجل قال : وأقم الصلاة لذكري [طه 14] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، والنسائي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه- «أقبلنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من الحديبية ليلا فنزلنا دهاسا من الأرض فقال : «من يكلأنا ؟ » قال بلال : أنا ، قال : «إذا تنم» قال : لا ، فنام حتى طلعت الشمس ، فاستيقظ ناس منهم فلان وفلان فيهم عمر ، قال : أهضبوا يعني تكلموا ، فاستيقظ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «افعلوا كما كنتم تفعلون» ، فلما فعلوا ، قال : «هكذا فافعلوا لمن نام أو نسي» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عنه قال : «سرينا ليلة مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : فقلنا : يا رسول الله لو أمستنا الأرض ، فنمنا ورعت ركائبنا ، ففعل ، فقال : «ليحرسنا بعضكم» ، فقال عبد الله : فقلت : أنا أحرسكم ، قال : فأدركني النوم ، فنمت ، فلم أستيقظ إلا والشمس طالعة ، ولم يستيقظ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا بكلامنا ، قال : فأمر بلالا ، فأذن ثم أقام الصلاة ، فصلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-» . [ ص: 161 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن ذي مخمر - رضي الله تعالى عنه- وكان رجلا من الحبشة ، يخدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : «كنا معه في سفر ، فأسرع السير حين انصرف ، وكان يفعل ذلك لقلة الزاد ، فقال له قائل : يا رسول الله ، لقد انقطع الناس وراءك ، فحبس وحبس الناس ، حتى تكاملوا إليه ، فقال لهم : «هل لكم أن نهجع هجعة ؟ » أو قال له قائل : فنزل ونزلوا ، وقال : «من يكلؤنا الليلة» ، فقلت : أنا ، جعلني الله فداك . فأعطاني خطام ناقته ، فقال : «هاك ، لا تكونن لكع» ، قال : فأخذت بخطام ناقة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وخطام ناقتي فتنحيت غير بعيد ، فخليت سبيلهما يرعيان ، فإني كذلك أنظر إليهما حتى أخذني النوم ، فلم أشعر بشيء حتى وجدت حر الشمس في وجهي ، فاستيقظت ، فنظرت يمينا وشمالا ، فإذا أنا بالراحلتين مني غير بعيد ، فأخذت بخطام ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وخطام ناقتي ، فأتيت أدنى القوم ، فأيقظته ، فقلت له : أصليتم ؟ قال : لا ، فأيقظ الناس بعضهم بعضا ، حتى استيقظ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وذكر الحديث» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن جابر - رضي الله تعالى عنه- «أن عمر جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس ، فجعل يسب كفار قريش ، وقال : يا رسول الله ، ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «والله ما صليتها» ، قال : فقمنا إلى بطحان ، فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها ، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ، ثم صلى بعدها المغرب» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود عن عمرو بن أمية الضمري- رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والنسائي ، عن جبير بن مطعم- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال في سفر له : «من يكلؤنا الليلة لا يرقد عن صلاة الصبح ؟ » قال بلال : أنا .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية