الباب الثاني في بيان كيفيات صلاته- صلى الله عليه وسلم- لصلاة الخوف . على سبيل التفصيل  
قال الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي الشافعي-  رحمه الله تعالى- : قد جمعت طرق الأحاديث الواردة في صلاة الخوف فبلغت سبعة عشر وجها ، وفي بعضها والعدو بينه وبين القبلة وهي أكثر أحاديث الباب . 
وفي بعضها كان العدو في غير القبلة وذلك في خمسة أحاديث : في حديث  ابن عمر ،  وبعض طرق حديث سهل بن أبي حثمة ،  وفي حديث  جابر  من رواية الحسن  عنه ، وفي حديث  أبي هريرة  من رواية  مروان بن الحكم  عنه ، وفي حديث  ابن مسعود ،  وها أنا مورد ما ذكره منقحا له : 
الوجه الأول : 
روى الخمسة عن  ابن عمر-  رضي الله تعالى عنهما- قال : «غزوت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قبل نجد  فوازينا العدو ، فصاففنا لهم ، فقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي لنا فقامت طائفة معه تصلي وأقبلت طائفة على العدو ، فصلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومن معه ركعة وسجدتين ثم انصرفوا مكان أولئك الذين لم يصلوا ، وجاءت الطائفة التي لم تصل فركع بهم ركعة وسجدتين ، ثم سلم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، فقام كل رجل من المسلمين فركع لنفسه ركعة وسجدتين»  . 
قال العراقي :  وهكذا في حديث  أبي موسى  وليس في طرق حديث  ابن عمر  ولا حديث  أبي موسى  بيان لكيفية قضاء الطائفتين للركعة ، هل قضت كل فرقة ركعتها بعد سلام الإمام أو تقدمت بقضائها وحرست الأخرى ثم قضت الأخرى وحرس الآخرون . 
وقد حكى فيه النووي  خلافا فقال في «شرح مسلم»  ثم قال : إن الطائفتين قضوا ركعتهم الباقية معا ، وقيل متفرقين قال : وهو الصحيح . 
قال العراقي :  وهذا ليس اختلافا في الرواية ، وإنما هو اختلاف لبعض العلماء ، وكأن النووي  أخذه من القاضي  فإنه قال «في الإكمال» : اختلف في تأويله . فقيل : قضوا معا ، وهو تأويل «أبي سهل» بن حبيب ،  وعليه حمل قول أشهب :  وقيل : قضوا «ركعتهم الباقية معا» وقيل  [ ص: 245 ] متفرقين ، قال وهو الصحيح مثل حديث  ابن مسعود  وهو المنصوص لأشهب .  انتهى ثم قال العراقي :  وأما ما وقع في  الرافعي  وغيره من كتب الفقه : 
الوجه الثاني : 
روى الإمام  الشافعي  والخمسة عن مالك بن يزيد بن رومان  عن صالح بن خوات  عمن صلى مع النبي- صلى الله عليه وسلم- يوم ذات الرقاع صلاة الخوف : أن طائفة صفت [معه] وطائفة وجاه العدو . فصلى بالذين معه ركعة ، ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا ، فصفوا وجاه العدو ، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ، ثم سلم بهم  . 
وروى الشيخان عن سهل بن أبي حثمة  أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى بأصحابه في الخوف ، وصفهم خلفه صفين ، فصلى بالذين يلونه ركعة ، ثم قام فلم يزل قائما حتى صلى الذين معه ركعة ، ثم تقدموا وتأخر الذين كانوا قدامهم فصلى بهم ركعة ثم قعد ، حتى صلى الذين تجاه القوم ركعة ثم سلم  . 
الوجه الثالث : 
روي عن  شعبة  عن عبد الرحمن بن القاسم  عن أبيه ، عن صالح بن خوات  عن سهل بن أبي حثمة  في حديث يزيد بن رومان  عن صالح :  إلا أن الطائفة الأولى إذا أتموا لأنفسهم ركعة سلموا ثم انصرفوا ، وإذا صلى الإمام بالطائفة الثانية سلم ، فيركعون لأنفسهم الركعة الثانية ، ثم يسلمون قال القاضي :  وبهذا أخذ  مالك   والشافعي   وأبو داود   . 
الوجه الرابع : 
روى  مسلم   وأبو داود  عن سهل بن أبي حثمة  أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صفهم خلفه صفين فصلى بالذين يلونه ركعة ، ثم قام فلم يزل قائما حتى صلى الذين خلفهم ركعة ثم تقدموا ، وتأخر الذين كانوا قدامهم فصلى بهم ركعة ثم قعد ثم صلى الذين تخلفوا ركعة ثم سلم جميعا زاد  أبو داود :  إن هذه الأولى إذا صلت ركعة وتقدمت لم تسلم .  [ ص: 246 ] 
الوجه الخامس : 
روى الشيخان وغيرهما عن أبي سلمة  عن  جابر-  رضي الله تعالى عنه قال : كنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بذات الرقاع وأقيمت الصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا فصلى بالطائفة الأخرى ركعتين ، وكان للنبي- صلى الله عليه وسلم- أربع ، وللقوم ركعتان  . 
قال العراقي  ولم يذكر سلامه بعد الركعتين الأوليين . 
الوجه السادس : 
روى الإمام  أحمد   وأبو داود   والنسائي  عن الحسن  عن  أبي بكرة-  واللفظ له ، «قال : 
صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه ، وبعضهم بإزاء العدو ، فصلى ركعتين ثم سلم ، فانطلق الذين صلوا معه ، فوقفوا موقف أصحابهم ، ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكانت لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- أربعا ولأصحابه ركعتين ركعتين»  . 
الوجه السابع : 
روى  مسلم ،   والنسائي  عن  عطاء ،   ومسلم  عن  أبي الزبير  كلاهما عن  جابر  رضي الله تعالى عنهما- قال : «شهدت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف ، فصفنا صفين ، صف خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والعدو بيننا وبين القبلة ، فكبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكبرنا جميعا ثم ركع وركعنا جميعا ، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه ، وقام الصف المؤخر في نحر العدو فلما قضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- السجود ، وقام الصف الذي يليه ، انحدر الصف المؤخر بالسجود ، وقاموا ، ثم تقدم الصف المؤخر ، وتأخر الصف المقدم فقام مقام أولئك ، فكبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكبرنا معه ، وركع فركعنا جميعا ، ثم رفع رأسه ورفعنا جميعا ، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى ، وقام الصف [المؤخر في نحور العدو] فلما قضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ثم سلم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وسلمنا جميعا»  .  [ ص: 247 ] 
والله أعلم . 
الوجه الثامن : 
روى  ابن حبان  في صحيحه عن شرحبيل بن سعد  عن  جابر-  رضي الله تعالى عنه- فذكر الحديث وقال فيه : فكبر وكبرت الطائفتان ، فركع وركعت الطائفة التي خلفه والأخرى قعود ، ثم سجد وسجدوا أيضا والآخرون قعود ثم قام فقاموا ونكصوا خلفهم حتى كانوا مكان أصحابهم قعدوا ، وأتت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة وسجدتين ثم سلم ، فقامت الطائفتان كلتاهما فصلوا لأنفسهم ركعة وسجدتين . 
الوجه التاسع : 
روى  النسائي   وابن حبان  عن يزيد الفقير  عن  جابر-  رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى بهم صلاة الخوف فقام صف بين يديه وصف خلفه ، فصلى بالذين خلفه ركعة وسجدتين ، ثم تقدم هؤلاء حتى قاموا في مقام أصحابهم ، وجاء أولئك فقاموا مقام هؤلاء ، فصلى بهم ركعة وسجدتين ثم سلم فكانت له ركعتان ولهم ركعة  . 
وهكذا في حديث الأسود بن هلال  عن ثعلبة بن زهدم الحنظلي   - رضي الله تعالى عنه- قال : «كنا عند سعيد بن العاصي  بطبرستان  فقال : أيكم صلى مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف ؟ فقال  حذيفة :  أنا فصف الناس فقال : صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف بطائفة ركعة صف خلفه ، وطائفة أخرى بينه وبين العدو ، فصلى بالطائفة التي تليه ركعة ثم نكص هؤلاء إلى مصاف أولئك ، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا» . 
فقام  حذيفة  فصف الناس خلفه فصلى بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة ، ولم يقضوا ، ورواه  أبو داود  مختصرا . 
وقال  النسائي :  في روايته بعد قول  حذيفة :  «أنا» فوصف فقال صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف بطائفة ركعة صفت خلفه ، وطائفة أخرى بينه وبين العدو ، فصلى بالطائفة التي تليه ركعة ثم نكص هؤلاء إلى مصاف أولئك وجاء أولئك فصلى بهم ركعة .  [ ص: 248 ] 
وفي رواية له : فقام  حذيفة  وصف الناس خلفه صفين فذكر صلاة  حذيفة  بهم . 
وروى  الطبراني  برجال الصحيح عن  أبي موسى-  رضي الله تعالى عنه- أنه كان بالدار من أصبهان  وما بهم يومئذ كبير خوف ، ولكن أحب أن يعلمهم دينهم وسنة نبيهم- صلى الله عليه وسلم- فجعلهم صفين طائفة معها السلاح مقبلة على عدوها ، وطائفة من ورائها ، فصلى بالذين يلونه ركعة ثم نكصوا على أدبارهم حتى قاموا مقام الآخرين يتخللونهم حتى قاموا وراءه فصلى بهم ركعة أخرى ثم سلم فقام الذين يلونه والآخرون فصلوا ركعة ركعة ، ثم سلم بعضهم على بعض ، فتمت للإمام ركعتان وللناس ركعة ركعة والله أعلم . 
الوجه العاشر . 
روى  النسائي   وابن حبان  عن  ابن عباس  رضي الله عنهما في رواية أبي بكر بن أبي الجهم  عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود  عنه : أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلى بذي قرد  فصف الناس خلفه صفين ، صفا خلفه وصفا موازي العدو ، فصلى بالذين خلفه ركعة ، ثم انصرف هؤلاء إلى مكان أولئك وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا  . 
وكذلك روياه أيضا عن  زيد بن ثابت-  رضي الله تعالى عنه- صف خلفه وصف بإزاء العدو ، وفي آخره فكان للنبي- صلى الله عليه وسلم- ركعتان ولكل طائفة ركعة . 
وكذلك في رواية عبد الله بن شقيق  عن  أبي هريرة-  رضي الله تعالى عنه- : 
أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى بكل طائفة ركعة  . 
كذا رواه  الطبراني   والبيهقي  عن  ابن عمر-  عن النبي- صلى الله عليه وسلم- «أنه صلى بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة في صلاة الخوف»  . 
الوجه الحادي عشر : 
روى الشيخان  والنسائي  عن  الزهري  عن عبيد الله بن عبد الله  عن  ابن عباس-  رضي الله تعالى عنهما- قال : «قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقام الناس معه فكبر وكبروا معه ، وركع وركع ناس منهم ثم سجد وسجدوا معه ، ثم قام للثانية فقام الذين سجدوا وحرسوا إخوانهم وأتت الطائفة الأخرى فركعوا وسجدوا معه والناس كلهم في صلاة ولكن يحرس بعضهم»  .  [ ص: 249 ] 
ورواه  البزار  بسياق أتم منه عن  ابن عباس-  رضي الله تعالى عنهما- قال : «خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في غزوة له ، فلقي المشركين بعسفان ،  فلما صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الظهر فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه ، فقال بعضهم لبعض لو حملتم عليهم ما علموا بكم ، حتى تواقعوهم ، فقال قائل منهم : إن لهم صلاة أخرى فهي أحب إليهم من أهليهم وأموالهم فاصبروا حتى تحضر فنحمل عليهم جملة فأنزل الله عز وجل وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة  الآية فلما صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كبر فكبروا معه جميعا ثم ركع وركعوا معه جميعا فلما سجد سجد معه الصف الذين يلونه ثم قام الذين خلفهم مقبلون على العدو ، فلما فرغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من سجوده وقام سجد الصف الثاني ، ثم قاموا وتأخر الصف الذين يلونه ، وتقدم الآخرون فكانوا يلون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، فلما ركع ركعوا معه جميعا ، ثم رفع فرفعوا معه ثم سجد فسجد معه الذين يلونه ، وقام الصف الثاني مقبلون على العدو ، فلما فرغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من سجوده وقعد ، قعد الذين يلونه وسجد الصف المؤخر ثم قعدوا فسجدوا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما سلم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سلم عليهم جميعا ، فلما نظر إليهم المشركون يسجد بعضهم ويقوم بعض قالوا «قد أخبروا بما أردنا»  . 
وروى  مسلم ،   وأبو داود ،   والنسائي ،   وابن ماجه ،  عن بكير بن الأخنس  عن  مجاهد ،  عن  ابن عباس-  رضي الله تعالى عنهما- قال : «فرض الله عز وجل الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة»  . 
وقول أبي عمر بن بكير  انفرد به ، وإنه ليس بحجة فيما تفرد به مردود ، فقد وثقه  ابن معين  وأبو زرعة  وأبو حاتم ،   والنسائي  وغيرهم . 
الوجه الثاني عشر : 
روى  أبو داود  عن  عروة بن الزبير-  رضي الله تعالى عنه- :  وابن حبان  عن  عروة  قال : 
سمعت  أبا هريرة-  رضي الله تعالى عنه أنه صلى صلاة الخوف مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عام غزوة نجد ،  قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى صلاة العصر  . 
الوجه الثالث عشر : 
روى  أبو داود  عن  ابن مسعود-  رضي الله تعالى عنه- قال : «صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف فقاموا صفا خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم-»  .  [ ص: 250 ] 
وروى  عبد الرزاق  عنه قال : «كنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فصف صفا خلفه وصفا موازيا وهم في صلاة كلهم فكبر وكبروا جميعا فصلى بالصف الذي يليه ركعة ، ثم ذهب هؤلاء وجاء هؤلاء فصلى بهم ركعة ، ثم قام هؤلاء الذين يلونهم صلى بهم الركعة الثانية فصفوا مكانهم ، ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء أولئك فقضوا الركعة . 
الوجه الرابع عشر : 
روى  النسائي  عن أبي عياش الزرقي-  رضي الله تعالى عنه قال : «كنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعسفان  فصلينا الظهر فقال المشركون- وعليهم  خالد بن الوليد-  لقد أصبنا منهم غرة ولقد أصبنا منهم غفلة لو أنا حططنا عليهم وهم في الصلاة ، فقالوا : إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم ، فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر فصلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة العصر ، ففرقنا فرقتين ، فرقة تصلي مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفرقة يحرسونه فكبر بالذين يلونه ، والذين يحرسونه ، ثم ركع فركع هؤلاء وأولئك جميعا ثم سجد الذين يلونه وتأخر هؤلاء الذين يلونه ، وتقدم الآخرون ، فسجدوا ثم قام فركع بهم جميعا الثانية وبالذين يلونه وبالذين يحرسونه ، ثم سجد بالذين يلونه ، ثم تأخروا فقاموا في مصاف أصحابهم وتقدم الآخرون فسجدوا ثم سلم عليهم ، فكانت لكلهم ركعتان ركعتان مع إمامهم  . 
وفي رواية رواها  أبو داود  أيضا أن الصف المتأخر سجدوا مكانهم قبل أن يتقدموا في كل ركعة ، ولم يتقدموا في الركعة الأخرى قالالعراقي :  وهذا هو المشهور كما في رواية  ابن الزبير ،  وعطاء ،  عن  جابر ،  وكلاهما عن  مسلم  وإسناده صحيح ، وقد زالت تهمة  ابن إسحاق  بتصريحه بالتحديث إلا أنه اختلف عليه فيه . هل هي رواية  عروة  عن  أبي هريرة ؟  كما تقدم ، أو من روايته عن  عائشة .  
قال العراقي :  ولعل  ابن إسحاق  سمعه من محمد بن جعفر بن الزبير  بالإسنادين جميعا . 
الوجه الخامس عشر : 
روى  البزار  عن الحارث  عن  علي-  رضي الله تعالى عنه- عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في صلاة الخوف : أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- الناس فأخذوا السلاح عليهم فقامت طائفة من ورائهم مستقبلي العدو ، وجاءت طائفة فصلوا معه فصلى بهم ركعة ، ثم قاموا إلى الطائفة التي لم تصل ،  [ ص: 251 ] وأقبلت الطائفة التي لم تصل معه فقاموا خلفه فصلى بهم ركعة وسجدتين ، ثم سلم عليهم- فلما سلم ، قام الذين قبل العدو فكبروا جميعا ، وركعوا ركعة وسجدتين بعد ما سلم  . 
قال العراقي :  وظاهر أنه صلى بكل طائفة ركعة ، وركعت إحدى الطائفتين ركعة أخرى . 
ولا يجوز أن تكون المغرب لأنه- صلى الله عليه وسلم- سلم بعد الركعتين والمغرب لا تقصر  ، وقد 
ورد عن  علي-  رضي الله تعالى عنه- أنه قال : «صليت صلاة الخوف مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ركعتين ركعتين ، إلا المغرب فإنه صلاها ثلاثا»   . 
الوجه السادس عشر : 
روى  الحاكم  في الإكليل عن خوات بن جبير   - رضي الله تعالى عنه- قال : «صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف فاستقبل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- القبلة وطائفة خلفه وطائفة مواجهة العدو ، فصلى بالطائفة التي خلفه ركعة وسجدتين ثم سلموا وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة وسجدتين ، والطائفة مقبلة على العدو فلما صلى بهم ركعة لبث جالسا حتى أتموا لأنفسهم ركعة وسجدتين ، ثم سلموا»  . 
هذا آخر ما ذكره الحافظ أبو الفضل العراقي  وسقط من النسخة ذكر الرابع وإسناد حديث  ابن مسعود  منقطع ، وإسناد حديث  ابن عباس  من رواية أبي بكر بن الجهم ،  تكلم فيه الإمام  الشافعي ،  وإسناد حديث  زيد بن ثابت  ضعف  البخاري  إسناده فإنه من رواية القاسم بن حسان  وإسناد حديث  علي  ضعيف ، فإنه من رواية الحارث  وإسناد حديث خوات  ضعيف أيضا فإنه من رواية  الواقدي   [ ص: 252 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					