الباب الثاني في استسقائه- صلى الله عليه وسلم- بخطبتين ، وعلى منبر وصلاة بركعتين بلا أذان وبلا إقامة 
وفيه أنواع : 
الأول : فيما ورد في خطبته- صلى الله عليه وسلم- قبل الصلاة :  
روى الإمام  الشافعي ،  عن  ابن عباس ،   - رضي الله تعالى عنهما- قال : «خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- متبذلا متخشعا متوسلا متواضعا حتى أتى المصلى فرقى المنبر ، ولم يخطب كخطبته هذه ولكن لم يزل في الدعاء والتكبير والتضرع ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد»  . 
وروى الأئمة ، عن عبد الله بن زيد المازني-  رضي الله تعالى عنه- قال : «خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى المصلى يستسقي فدعا فأطال الدعاء ، وأكثر المسألة ، واستسقى ثم استقبل القبلة ، ثم قلب رداءه ، وجعل إلى الناس ظهره ، يدعو» وفي لفظ : «عليه خميصة سوداء ، فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فثقلت عليه ، فقلبها عليه الأيمن على الأيسر ، والأيسر على الأيمن» وفي رواية قال المسعودي :  «سألت أبا بكر محمد بن عمرو  أجعل أعلاه أسفله ؟ أو اليمين على الشمال ؟ قال : بل اليمين على الشمال ثم صلى ركعتين» . 
وروى  أبو داود ،   وابن حبان ،  عن  عائشة-  رضي الله تعالى عنها- ، قالت : شكا الناس إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قحوط المطر ، فأمر بمنبر فوضع له بالمصلى ، ووعد الناس يوما يخرجون فيه ، فخرج حين بدا حاجب الشمس ، فقعد على المنبر ، فكبر وحمد الله تعالى فقال : - إنكم شكوتم جدب دياركم ، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم ، وقد أمركم الله أن تدعوه ، ووعدكم أن يستجيب لكم- ، ثم قال : «الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم . ملك يوم الدين ، لا إله إلا الله يفعل الله ما يريد ، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت ، أنت الغني ونحن الفقراء ، أنزل علينا الغيث ، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين» ، ثم رفع يديه [فلم يزل في الرفع] حتى بدا بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره وقلب أو حل رداءه ، وهو رافع يديه ، ثم أقبل على الناس ، ونزل فصلى ركعتين ، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله تعالى ،  [ ص: 338 ] فلم يأت مسجده حتى سالت السيول ، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك ، حتى بدت نواجذه ، فقال : «أشهد أن الله على كل شيء قدير ، وأني عبد الله ورسوله»  . 
الثاني : في صلاته- صلى الله عليه وسلم- قبل الخطبة .  
روى  الدارقطني ،   وأبو داود ،  عن طلحة بن عبد الله بن عوف ،  قال : «سألت ابن عباس»  وفي لفظ «أرسلني مروان  إلى  ابن عباس-  رضي الله [تعالى] عنهما- لأسأله عن سنة الاستسقاء ، فقال : سنة الاستسقاء [سنة] صلاة العيد ، إلا أن النبي- صلى الله عليه وسلم-[قلب رداءه ، فجعل يمينه على يساره ، ويساره على يمينه ، فصلى ركعتين بغير أذان ولا إقامة وكبر فيهما ثنتي عشرة تكبيرة ، سبعا في الأولى ، وخمسا في الآخرة ، وجهر بالقراءة ، ثم انصرف فخطب ، واستقبل الناس القبلة ، وحول رداءه»  . 
وروى الإمام  أحمد ،   وابن ماجه ،   والبيهقي ،  عن  أبي هريرة-  رضي الله تعالى عنه- قال : 
«خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يستسقي ، فصلى ركعتين ، بلا أذان ولا إقامة ، ثم خطبنا فدعا الله تعالى وحول وجهه إلى القبلة ، رافعا يديه ، ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر ، والأيسر على الأيمن»  . 
وروى ابن قتيبة  الحديث- بسند ضعيف- عن  أنس-  رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خرج للاستسقاء فتقدم فصلى بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة وكان يقرأ في العيدين والاستسقاء في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب و سبح اسم ربك الأعلى  وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب و هل أتاك حديث الغاشية  فلما قضى صلاته ، استقبل القوم بوجهه ، وقلب رداءه ، ثم جثا على ركبتيه ورفع يديه ، وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي ، ثم قال : 
«اللهم اسقنا غيثا مغيثا ، رحبا ربيعا ، وجدا غدقا طبقا مغدقا هنيئا مريعا مربعا سريعا وابلا شاملا مسيلا ثجلا دائما دررا نافعا غير ضار عاجلا غير رائث ، اللهم تحيي به البلاد ، وتغيث به العباد ، وتجعله بلاغا للحاضر منا والباد ، [اللهم أنزل علينا في أرضنا نبتها وأنزل في أرضنا سكنها] اللهم أنزل علينا من السماء ماء طهورا ، فأحيي به بلدة ميتة واسقه مما خلقت أنعاما وأناسي كثيرا»  .  [ ص: 339 ] 
وروى ابن صصرى  في أماليه عن  [جعفر بن] عمرو بن حريث ،  عن أبيه ، عن جده- رضي الله تعالى عنهم- قال : «خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نستسقي فصلى بنا ركعتين ، ثم قلب رداءه ورفع يديه فقال : «اللهم ضاحت جبالنا واغبرت أرضنا وهامت دوابنا ، معطي الخير من أماكنها ومنزل الرحمة من معادنها ، ومجري البركات على أهلها بالغيث المغيث ، أنت المستغفر الغفار ، فنستغفرك للحامات من ذنوبنا ، ونتوب إليك ، من عوام خطايانا ، اللهم فأرسل السماء علينا مدرارا وصل بالغيث ، واكف من تحت عرشك حيث يسعفنا ويعود علينا غيثا مغيثا عاما طبقا مجللا غدقا خصيبا رائقا ممرع النبات»  . 
الثالث : في دعائه- صلى الله عليه وسلم- . قائما ورفعه يديه ، واستقباله إذا اجتهد في الدعاء :  
روى الإمام  أحمد   وابن ماجه  عن  أبي هريرة-  رضي الله عنه- قال : «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يمد يديه حتى إني لأرى بياض إبطيه- يعني في الاستسقاء»  . 
وروى الشيخان ،  وأبو داود   والنسائي ،  وابن ماجه   والدارقطني ،  عن  أنس-  رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا استسقى أشار بظهر كفيه إلى السماء  . 
وروى  أبو داود  عنه ، «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يستسقي هكذا ، ومد يديه ، وجعل بطونهما مما يلي الأرض ، حتى رأيت بياض إبطيه»  . 
وروى  الطبراني ،   والبزار-  بسند حسن أو صحيح عن  سمرة بن جندب-  رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يدعو إذا استسقى : «اللهم أنزل في أرضنا بركتها ، وزينها وسكنها»  [وفي رواية : ] «وارزقنا ، وأنت خير الرازقين» . 
وروى  أبو داود ،  عن  عبد الله بن عمرو-  رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقول إذا استسقى : «اللهم اسق عبادك وبهائمك ، وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت»  .  [ ص: 340 ] 
وروى  الطبراني ،  عن  جابر بن عبد الله ،   وأنس-  رضي الله تعالى عنهم- قالا : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا استسقى قال : «اللهم اسقنا سقيا وادعة نافعة ، تشبع بها الأنفس غيثا ، هنيئا مريئا طبقا مجللا يشبع به بادينا وحاضرنا تنزل به من بركات السماء ، وتخرج لنا به من بركات الأرض وتجعلنا عنده من الشاكرين ، إنك سميع الدعاء»  . 
وروى  الطبراني ،  عن  ابن عباس-  رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- استسقى فقال : «[اللهم] اسقنا غيثا مغيثا مريعا طبقا عاجلا غير رائث ، نافعا غير ضار» فما لبثنا أن مطرنا حتى سال كل شيء حتى أتوه فقالوا : قد غرقنا فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «اللهم حوالينا ولا علينا»  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					