الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثالث عشر في قصة إهلاك أصحاب الفيل

                                                                                                                                                                                                                              وذلك عام ولادته صلى الله عليه وسلم على الصحيح الذي عليه أكثر العلماء.

                                                                                                                                                                                                                              وكان إهلاكهم تشريفا له صلى الله عليه وسلم ولبلده، وإلا فأصحاب الفيل كانوا نصارى أهل كتاب، وكان دينهم إذ ذاك أقرب حالا مما كان عليه أهل مكة ، لأن أهل مكة كانوا عباد أوثان، فنصرهم الله تعالى نصرا لا صنع للبشر فيه، ولسان حال القدر يقول: لم ننصركم يا معشر قريش على الحبشة لخيريتكم عليهم، ولكن صيانة للبيت العتيق الذي نشرفه ونعظمه ونوقره ببعثة النبي الأمي خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              قال الله سبحانه وتعالى. بسم الله الرحمن الرحيم ألم تر الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم. أي: ألم تعلم. قدره على وجود علمه بما يذكر. وقيل: الاستفهام هنا للتعجب إذ هو أمر منقول نقل المتواتر. فكأنه قيل: قد علمت أو تعجب كيف فعل ربك عبر بكيف دون ما. لأن المراد تذكير ما فيها من وجوه الدلالة على كمال علم الله تعالى وقدرته وعزة بيته وشرف رسوله صلى الله عليه وسلم فإنها من الإرهاصات لنبوته، إذ مجيء تلك الطيور على الوصف المنقول من خوارق العادات والمعجزات المتقدمة بين أيدي الأنبياء صلى الله عليه وسلم بأصحاب الفيل محمود.

                                                                                                                                                                                                                              ألم يجعل أي يجعل كيدهم في هدم الكعبة في تضليل خسار وهلاك بأن أحرق البيت الذي بنوه قاصدين أن يرجع حج العرب إليه، وبأن أهلكهم لما قصدوا هدم الكعبة بيت الله تعالى وأرسل عليهم طيرا اسم جمع يجوز تأنيثه وتذكيره أبابيل جماعات قيل لا واحد له وقيل واحده: أبول. أو إبال. أو إبيل كعجول. ومفتاح، ومسكين. وعلى تذكير الطير قرئ: ترميهم بالمثناة التحتية. وقيل الضمير للرب سبحانه بحجارة فوق العدسة ودون الحمصة، كما في أكثر الأخبار، مكتوب على كل حجر اسم مرميه، يحمل كل طائر ثلاثة أحجار: واحدا بمنقاره وحجرين برجليه من سجيل طين مطبوخ فجعلهم كعصف مأكول كورق زرع أكلته الدواب وراثته فيبس وتفرقت أجزاؤه شبه تفرق أجزائهم بتفرق أجزاء الروث.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية