الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيه:

                                                                                                                                                                                                                              قال القاضي رحمه الله تعالى: كان صلى الله عليه وسلم أحمد قبل أن يكون محمدا كما وقع في الوجود، لأن تسميته صلى الله عليه وسلم أحمد وقعت في الكتب السالفة، وتسميته محمدا وقعت في القرآن، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم حمد ربه قبل أن يحمده الناس. وقال السهيلي : لم يكن صلى الله عليه وسلم محمدا حتى كان أحمد، حمد ربه فنبأه وشرفه، فلذلك تقدم اسم أحمد على الاسم الذي هو محمد، فذكره عيسى صلى الله عليهما وسلم فقال: «اسمه أحمد » وذكره موسى صلى الله عليه وسلم حين قال له ربه. [ ص: 418 ]

                                                                                                                                                                                                                              تلك أمة أحمد فقال اللهم: اجعلني من أمة أحمد، فبأحمد ذكر قبل أن يذكر بمحمد، لأن حمده لربه قبل حمد الناس له، فلما وجد وبعث كان محمدا بالفعل، وكذلك في الشفاعة يحمد ربه بالمحامد التي يفتحها عليه، فيكون أحمد الحامدين لربه، ثم يشفع فيحمد على شفاعته صلى الله عليه وسلم. فانظر كيف ترتب هذا الاسم قبل الاسم الآخر في الذكر وفي الوجود في الدنيا والآخرة تلح لك الحكمة الإلهية في تخصيصه صلى الله عليه وسلم بهذين الاسمين. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                              فصرح القاضي والسهيلي رحمهما الله تعالى بأن أحمد سابق على محمد. وأقرهما الحافظ في الفتح وغيره.

                                                                                                                                                                                                                              ورد ذلك ابن القيم في كتابيه «جلاء الأفهام » و «زاد المعاد » ونسب قائل ذلك إلى الغلط، ثم نقل عن لفظ التوراة التي يقرأها مؤمنو أهل الكتاب أن فيها عند ذكر إسماعيل صلى الله عليه وسلم بماذماذ. وذكر بعد هذا: وإنه سيلد اثني عشر عظيما، منهم عظيم يكون اسمه ماذماذ. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وهذا عند علماء المؤمنين من أهل الكتاب صريح في اسم النبي صلى الله عليه وسلم. قال: ورأيت بعض شروح التوراة كما حكيناه بعد هذا المتن قال في الشرح: هذان الحرفان في الموضعين يتضمنان اسم السيد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وبسط الشارح الكلام والدليل على ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              ثم نقل ابن القيم عن شارح آخر أن اسمه في التوراة أظهر مما ذكره الشارح السابق وذكر ابن القيم كلامه. فليراجعه من أراده من «جلاء الأفهام » .

                                                                                                                                                                                                                              وقد وردت آثار كثيرة تشهد لما قاله ابن القيم .

                                                                                                                                                                                                                              قال: وإنما سماه المسيح أحمد كما حكاه الله تعالى في القرآن لأن تسميته بأحمد وقعت متأخرة عن تسميته محمدا في التوراة ومتقدمة على تسميته محمدا في القرآن، فوقعت بين التسميتين محفوفة بهما.

                                                                                                                                                                                                                              وقد تقدم أن هذين الاسمين صفتان في حقه صلى الله عليه وسلم، والوصفية فيهما لا تنافي العلمية وأن معناهما مقصود، فعرف عند كل أمة بأعرف الوصفين عندها. انتهى ملخصا.

                                                                                                                                                                                                                              قال الراغب رحمه الله تعالى: وإنما خصه عيسى عليه الصلاة والسلام بذلك ولم يصفه بغيره تنبيها على أنه أحمد منه وممن قبله، لما اشتمل عليه من الخصال الجميلة والأخلاق الحميدة التي لم تكمل لغيره صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية