الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثامن في بعض ما ورد في الكتب القديمة من ذكر فضائله صلى الله عليه وسلم ومناقبه العظيمة

                                                                                                                                                                                                                              قال الله تعالى: الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل .

                                                                                                                                                                                                                              وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم الموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: «يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله. ويفتح به أعينا عميا وقلوبا غلفا وآذانا صما» .

                                                                                                                                                                                                                              رواه الإمام أحمد والبخاري. وروى نحوه ابن عساكر وابن الجوزي عن عبد الله بن سلام، والدارمي عن كعب.

                                                                                                                                                                                                                              «شاهدا» حال مقدرة من الكاف أو من الفاعل، أي مقدرا أو مقدرين شهادتك على من بعثت إليهم، أي مقبولا قولك عند الله فيهم وعليهم، كما يقبل قول الشاهد العدل في الحكم.

                                                                                                                                                                                                                              «حرزا» بالمهملة المكسورة فالراء الساكنة فالزاي- أي حفظا «للأميين» أي للعرب لأن الكتابة عندهم قليلة. والأمي من لا يحسن الكتابة. وليس لليهود أن يتمسكوا بقوله «حرزا للأميين» على ما زعموا أنه صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى العرب خاصة، لأن قوله: «حتى يقيم الملة العوجاء» يشملهم لأنهم بدلوا وحرفوا وغيروا، فأرسل صلى الله عليه وسلم إليهم ليقيم عوجهم، وهل أحد أولى منهم بإقامة عوجهم؟!.

                                                                                                                                                                                                                              «ليس بفظ» أي سيئ الخلق «ولا غليظ» أي شديد القول «ولا سخاب» بالسين [ ص: 97 ] المهملة والخاء المعجمة المشددة من السخب وهو لغة ربيعة في الصخب، وهو رفع الصوت، أي لا كثيره بل ولا قليله، إذ المراد نفيه مطلقا.

                                                                                                                                                                                                                              «الملة العوجاء» يعني ملة إبراهيم، لأن العرب غيرتها عن استقامتها فصارت كالعوجاء.

                                                                                                                                                                                                                              «غلفا» بضم الغين المعجمة وسكون اللام جمع أغلف وهو الشيء في غلاف وغشاء بحيث لا يوصل إليه.

                                                                                                                                                                                                                              وعن رجل من الأعراب رضي الله تعالى عنه قال: قدمت المدينة حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لألقين هذا الرجل فلأسمعن منه. فتلقاني بين أبي بكر وعمر يمشون، فتبعتهم حتى أتوا على رجل من اليهود ناشر التوراة يقرؤها يعزي بها نفسه عن ابن له في الموت كان من أحسن الفتيان وأجملهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنشدك بالذي أنزل التوراة هل تجد في كتابك صفتي ومخرجي» .؟ فقال برأسه هكذا. أي لا. فقال ابنه: والذي أنزل التوراة إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فقال: أقيموا اليهود عن أخيكم. ثم ولي كفنه والصلاة عليه.

                                                                                                                                                                                                                              رواه الإمام أحمد .

                                                                                                                                                                                                                              وعن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل كنيسة فإذا هو بيهودي يقرأ عليهم التوراة، فلما أتوا على صفة النبي صلى الله عليه وسلم أمسكوا وفي ناحيتها مريض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما لكم أمسكتم» ؟ فقال المريض: إنهم أتوا على صفة نبي فأمسكوا. ثم جاء المريض حتى أخذ التوراة فقرأ حتى أتى على صفة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه صفتك وصفة أمتك، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. ثم مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لوا أخاكم» .

                                                                                                                                                                                                                              رواه الإمام أحمد.

                                                                                                                                                                                                                              وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا فيض البجلي، حدثنا سلام بن مسكين ، عن مقاتل [ ص: 98 ] ابن حيان ، رحمه الله تعالى قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام:

                                                                                                                                                                                                                              جد في بني إسرائيل ولا تهزل واسمع وأطع يا بن الطاهرة البكر البتول، إني خلقتك من غير فحل فجعلتك آية للعالمين، فإياي فاعبد وعلي فتوكل، فسر إلى أهل سورانية، بلغ من بين يديك أني أنا الله الحي القائم الذي لا يزول، صدقوا النبي الأمي العربي صاحب الجمل والمدرعة والعمامة، وهي التاج، والنعلين والهراوة وهي القضيب، الجعد الرأس، الصلت الجبين، المقرون الحاجبين، الأكحل العينين، الأقنى الأنف، الواضح الخدين، الكث اللحية، عرقه في وجهه كاللؤلؤ، ريح المسك ينفح منه، كأن عنقه إبريق فضة، وكأن الذهب يجري في تراقيه، له شعرات من لبته إلى سرته تجري كالقضيب ليس على صدره ولا على بطنه شعر غيره، شئن الكفين والقدمين إذا جامع الناس غمرهم، وإذا مشى كأنما يتقلع من الصخر ويتحدر في صبب ذو النسل القليل.

                                                                                                                                                                                                                              «غمرهم» أي علاهم شرفا. وقوله: «ذو النسل القليل» أراد الذكور من صلبه صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قدم الجارود بن عبد الله فأسلم وقال: والذي بعثك بالحق لقد وجدت وصفك في الإنجيل، ولقد بشر بك ابن البتول.

                                                                                                                                                                                                                              وسميت مريم بذلك من قولهم: امرأة بتول أي منقطعة عن الرجال لا شهوة لها فيهم.

                                                                                                                                                                                                                              وعن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: سمعت النجاشي يقول: أشهد أن محمدا رسول الله وأنه الذي بشر به عيسى، ولولا ما أنا فيه من أمر الملك وما تحملت من أمر الناس لأتيته حتى أحمل نعليه .

                                                                                                                                                                                                                              رواه أبو داود .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي في الشمائل عن كعب رحمه الله تعالى قال: نجد نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة: محمد بن عبد الله يولد بمكة ويهاجر إلى طابة، ويكون ملكه بالشام، وليس بفحاش ولا سخاب في الأسواق ولا يكافئ بالسيئة، ولكن يعفو ويغفر، أمته الحمادون [ ص: 99 ] يحمدون الله في كل أمر ويكبرون الله على كل نجد، ويوضئون أطرافهم ويأتزرون في أوساطهم، يصفون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم، دويهم في مساجدهم كدوي النحل يسمع مناديهم في جو السماء.

                                                                                                                                                                                                                              النجد: ما ارتفع من الأرض.

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن موسى لما نزلت عليه التوراة وقرأها فوجد فيها ذكر هذه الأمة قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون المستجاب لهم فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال يا رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونه ظاهرا، فاجعلها أمتي. قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب إني أجد أمة يأكلون الفيء فاجعلها أمتي قال: تلك أمة أحمد قال:

                                                                                                                                                                                                                              يا رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها فاجعلها أمتي. قال: تلك أمة أحمد قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة واحدة، وإن عملها كتبت له عشر حسنات، فاجعلها أمتي. قال:

                                                                                                                                                                                                                              تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة فلم يعملها لم تكتب، وإن عملها كتبت عليه بسيئة واحدة، فاجعلها أمتي قال: تلك أمة أحمد. قال:

                                                                                                                                                                                                                              يا رب إني أجد في الألواح أمة يؤتون العلم الأول والعلم الآخر، فيقتلون قرن الضلال المسيح الدجال فاجعلها أمتي قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب فاجعلني من أمة أحمد، فأعطي عند ذلك خصلتين. قال: إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين قال له قد رضيت»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال أوحى الله تعالى إلى يعقوب عليه الصلاة والسلام: إني أبعث من ذريتك ملوكا وأنبياء حتى أبعث النبي الحرمي الذي تبني أمته هيكل بيت المقدس وهو خاتم الأنبياء واسمه أحمد.

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: أوحى الله تعالى إلى بعض أنبياء بني إسرائيل: اشتد غضبي عليكم من أجل ما ضيعتم من أمري، فإني حلفت لا يأتيكم روح القدس حتى أبعث النبي الأمي من أرض العرب الذي يأتيه روح القدس.

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم عن كعب رحمه الله تعالى قال: كان أبي من أعلم الناس بما أنزل الله على موسى، وكان لم يدخر عني شيئا مما كان يعلم، فلما حضره الموت دعاني فقال لي:

                                                                                                                                                                                                                              يا بني إنك قد علمت إني لم أدخر عنك شيئا أعلمه إلا أني قد حبست عنك ورقتين فيهما [ ص: 100 ] نبي يبعث قد أطل زمانه، فكرهت أن أخبرك بذلك، فلا آمن عليك أن يخرج بعض هؤلاء الكذابين فتطيعه، وقد جعلتهما في هذه الكوة التي ترى وطينت عليهما فلا تتعرض لهما ولا تنظر فيهما حينك هذا، فإن الله إن يرد بك خيرا ويخرج ذلك النبي تبعته.

                                                                                                                                                                                                                              ثم إنه مات فدفناه، فلم يكن شيء أحب إلي من أن أنظر في الورقتين، ففتحت الكوة ثم استخرجت الورقتين فإذا فيهما: محمد رسول الله خاتم الأنبياء، لا نبي بعده، مولده بمكة ومهاجره بطيبة، لا فظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ويجزي بالسيئة الحسنة، ويعفو ويصفح أمته الحمادون الذين يحمدون الله على كل حال، تذلل ألسنتهم بالتكبير، وينصر نبيهم على كل من ناوأه، يغسلون فروجهم ويأتزرون على أوساطهم، أناجيلهم في صدورهم، وتراحمهم بينهم كتراحم بني الأم، وهم أول من يدخل الجنة يوم القيامة من الأمم.

                                                                                                                                                                                                                              فمكثت ما شاء الله ثم بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة، فأخذت أستثبت ثم بلغني أنه توفي وأن خليفته قد قام مقامه، وجاءتنا جنوده، فقلت: لا أدخل في هذا الدين حتى أنظر سيرتهم وأعمالهم، فلم أزل أدافع ذلك وأؤخره لأستثبت حتى قدم علينا عمال عمر بن الخطاب، فلما رأيتهم رأيت وفاءهم بالعهد وما صنع الله لهم على الأعداء، فعلمت أنهم هم الذين كنت أنتظر.

                                                                                                                                                                                                                              فو الله إني ذات ليلة فوق سطحي فإذا رجل من المسلمين يتلو قول الله تعالى: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها الآية.

                                                                                                                                                                                                                              فلما سمعت هذه الآية خشيت أن لا أصبح حتى يحول وجهي في قفاي، فما كان شيء أحب إلي من الصباح، فغدوت في المسلمين.

                                                                                                                                                                                                                              ناوأه: أي ناهضه وعاداه.

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن سهل مولى عثمة أنه كان نصرانيا وكان يتيما في حجر أمه وعمه، وأنه كان يقرأ الإنجيل قال: فأخذت مصحفا لعمي فقرأته حتى مر بي ورقة فأنكرت كثافتها حين مرت بي، ومسستها بيدي ونظرت فإذا فضول الورقة ملصقة بغرا قال ففتشتها فوجدت فيها نعت محمد صلى الله عليه وسلم: أنه لا قصير ولا طويل أبيض ذو ضفيرتين بين كتفيه خاتم النبوة، يكثر الاحتباء ، ولا يقبل الصدقة، ويركب الحمار والبعير ويحلب الشاة، ويلبس قميصا مرقوعا، ومن فعل ذلك برئ من الكبر، وهو من ذرية إسماعيل، اسمه أحمد.

                                                                                                                                                                                                                              قال سهل: فلما انتهيت إلى هذا من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم جاء عمي فلما رأى الورقة [ ص: 101 ] ضربني وقال لي: مالك وفتح هذه الورقة وقراءتها؟! فقلت: فيها نعت النبي أحمد صلى الله عليه وسلم فقال:

                                                                                                                                                                                                                              إنه لم يأت بعد.

                                                                                                                                                                                                                              وروي أيضا عن عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه، قال: كان الزبير بن باطا، وكان أعلم يهود يقول: إني وجدت سفرا وكان أبي يختمه علي فيه ذكر أحمد حتى يخرج بأرض القرظ، صفته كذا وكذا، فتحدث به الزبير بعد أبيه والنبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث، فما هو إلا أن سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة عمد إلى ذلك السفر فمحاه وكتم شأن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ليس به.

                                                                                                                                                                                                                              الزبير، بفتح الزاي كما هو ظاهر كلام القاموس.

                                                                                                                                                                                                                              وروي أيضا عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى قال: أوحى الله إلى شعيا: إني باعث نبيا أميا أفتح به آذانا صما وقلوبا غلفا وأعينا عميا، مولده بمكة، ومهاجره بطيبة، وملكه بالشام، عبدي المتوكل المصطفى المرفوع، الحبيب المنتخب المختار، لا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ويغفر، رحيما بالمؤمنين، يبكي للبهيمة المثقلة، ويبكي لليتيم في حجر الأرملة، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا متزين بالفحش ولا قوال بالخنا لو يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشي على القصب الرعراع، يعني اليابس، لم يسمع من تحت قدميه، أبعثه مبشرا ونذيرا، أسدده لكل جميل وأهب له كل خلق كريم، أجعل السكينة لباسه والبر شعاره، والتقوى ضميره والحكمة معقوله، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمغفرة والمعروف خلقه، والعدل سيرته والحق شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملته وأحمد اسمه، أهدي به بعد الضلالة وأعلم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأسمي به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلة، وأغني به بعد العيلة وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين قلوب وأهواء متشتتة وأمم مختلفة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، وتوحيدا لي وإيمانا بي وإخلاصا لي، وتصديقا بما جاءت به رسلي، وهم رعاة الشمس، طوبى لتلك القلوب والوجوه والأرواح التي أخلصت لي، ألهمهم التسبيح والتكبير والتحميد والتوحيد في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم، يصفون في [ ص: 102 ] مساجدهم كما تصف الملائكة حول عرشي، هم أوليائي وأنصاري، أنتقم بهم من أعدائي عبدة الأوثان، يصلون لي قياما وقعودا وسجودا، ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء مرضاتي ألوفا فيقاتلون في سبيلي صفوفا وزحوفا، أختم بكتابهم الكتب وبشريعتهم الشرائع وبدينهم الأديان، فمن أدركهم فلم يؤمن بكتابهم ويدخل في دينهم وشريعتهم فليس مني وهو مني بريء، وأجعلهم أفضل الأمم وأجعلهم أمة وسطا شهداء على الناس، إذا غضبوا هللوني، وإذا قبضوا كبروني، وإذا تنازعوا سبحوني، يطهرون الوجوه والأطراف ويشدون الثياب إلى الأنصاف، ويهللون على التلال والأشراف، قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم صدورهم، رهبان بالليل ليوثا بالنهار، ويناديهم مناديهم في جو السماء لهم دوي كدوي النحل.

                                                                                                                                                                                                                              طوبى لمن كان معهم وعلى دينهم ومناهجهم وشريعتهم، ذلك فضلي أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم.

                                                                                                                                                                                                                              «القصب» بالقاف والصاد معروف. الرعراع: الطويل.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن قتيبة : إذا طال القصب فهبت عليه أدنى ريح، أو مر به ألطف شخص: تحرك وصوت، فأراد عز وجل أن النبي صلى الله عليه وسلم وقور ساكن الطائر.

                                                                                                                                                                                                                              «الخنا» : بفتح المعجمة والقصر: الفحش. وأعلم بهمزة مضمومة ولام مشددة مكسورة.

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى قال: أوحى الله في الزبور إلى داود:

                                                                                                                                                                                                                              يا داود إنه سيأتي من بعدك نبي اسمه أحمد ومحمد، صادقا لا أغضب عليه أبدا ولا يعصيني أبدا، وقد غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              الأحاديث والآثار في ذلك كثيرة، أفردها بالتصنيف خلائق. [ ص: 103 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية