الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 206 ] ذكر تعظيم ما لا يعقل للحرم

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" عن جويرية بن أسماء عن عمه رحمهما الله تعالى قال: حججت مع قوم فنزلنا منزلا ومعنا امرأة، فنامت فانتبهت وحية منطوية عليها جمعت رأسها مع ذنبها بين ثدييها فهالنا ذلك وارتحلنا فلم تزل مطوية عليها لا تضرها شيئا، حتى دخلنا أنصاب الحرم فانسابت فدخلنا مكة فقضينا نسكنا وانصرفنا، حتى إذا كنا بالمكان الذي تطوقت عليها فيه الحية، وهو المنزل الذي نزلنا فنامت فاستيقظت والحية منطوية عليها، ثم صفرت الحية فإذا بالوادي يسيل علينا حيات فنهشنها حتى بقيت عظاما، فقلت لجارية لها: ويحك أخبرينا عن هذه المرأة. قالت: بغت ثلاث مرات، كل مرة تلد ولدا فإذا وضعته سجرت التنور ثم ألقته فيه.

                                                                                                                                                                                                                              وروى الأزرقي عن ابن أبي نجيح - رحمه الله تعالى - قال: لم تكن كبار الحيتان تأكل صغارها في الحرم زمن الطوفان.

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة عن ابن سابط - رحمه الله تعالى - قال: كأن الناس إذا كان الموسم في الجاهلية خرجوا ولم يبق أحد بمكة ، وإنه تخلف رجل سارق فعمد إلى قطعة من ذهب فوضعها ليأخذ أخرى، فلما أدخل رأسه همزه البيت فوجدوا رأسه في البيت واسته خارج البيت فألقوه للكلاب.

                                                                                                                                                                                                                              وروى الجندي عن طاوس - رحمه الله تعالى - قال: إن أهل الجاهلية لم يكونوا يصيبون في الحرم شيئا إلا عجل لهم ويوشك أن يرجع إلى ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              والأحاديث والآثار في تعظيم حرمة الحرم أكثر من أن تحصر.

                                                                                                                                                                                                                              وروى الأزرقي عن حويطب بن عبد العزى رضي الله تعالى عنه - قال: كنا جلوسا بفناء الكعبة في الجاهلية فجاءت امرأة إلى البيت تعوذ به من زوجها فجاء زوجها فمد يده إليها فيبست يده، فلقد رأيته في الإسلام وإنه لأشل. [ ص: 207 ] وروى الأزرقي عن ابن جريج - رحمه الله تعالى - قال: الحطيم ما بين الركن والمقام وزمزم والحجر، وكان إساف ونائلة (رجل وامرأة ) دخلا الكعبة فقبلها فيها فمسخا حجرين فأخرجا من الكعبة فنصب أحدهما في مكان زمزم والآخر في وجه الكعبة يعتبر بهما الناس ويزدجروا عن مثل ما ارتكبا، فسمي هذا الموضع الحطيم لأن الناس كانوا يحطمون هنالك بالأيمان ويستجاب فيه الدعاء على الظالم للمظلوم، فقل من دعا هنالك على ظالم إلا هلك، وقل من حلف هنالك إثما إلا عجلت عليه العقوبة، وكان ذلك يحجز بين الناس عن الظلم ويتهيب الناس الأيمان هنالك، فلم يزل ذلك كذلك حتى جاء الله تعالى بالإسلام فأخر الله تعالى ذلك لما أراد إلى يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية