ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر  
659 - إياس بن معاوية بن قرة بن إياس المزني:   
سمع من أبيه ،  وأنس ،  وابن المسيب ،  وغيرهم . روى عنه  حماد بن سلمة  وغيره . 
 [ ص: 221 ] 
ولي قضاء البصرة   لعمر بن عبد العزيز ،  وكانت له فراسة وذكاء وفطنة . وتوفي في هذه السنة وكان له عقب . 
أخبرنا محمد بن أبي القاسم ،  قال: أخبرنا محمد بن أحمد ،  قال: أخبرنا  أبو نعيم الأصفهاني ،  قال: حدثنا سليمان بن أحمد ،  قال: حدثنا الحسين بن المتوكل ،  قال: حدثنا أبو الحسن المدائني ،  عن أبي إسحاق بن حفص ،  قال: قيل لإياس بن معاوية:  فيك أربع خصال: دمامة ، وكثرة كلام ، وإعجاب بنفسك ، وتعجيل في القضاء . 
قال: أما الدمامة فالأمر فيها إلى غيري ، وأما كثرة الكلام فبصواب أم بخطأ؟ قالوا: بصواب ، قال: فالإكثار من الصواب أمثل . وأما إعجابي بنفسي ، أفيعجبكم ما ترون مني؟ قالوا: نعم ، قال: فإني أحق أن أعجب بنفسي . وأما قولكم: إني أعجل بالقضاء ، فكم هذه -وأشار بيده خمسة؟- فقالوا: خمسة ، فقال: عجلتم ، ألا قلتم: واحد واثنان وثلاثة وأربعة وخمسة؟ قالوا: ما نعد شيئا قد عرفناه ، قال: فما أحبس شيئا قد تبين لي فيه الحكم . 
أخبرنا  أبو منصور القزاز ،  قال: أخبرنا أحمد بن علي ،  قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق ،  قال: أخبرنا أبو اليسر إبراهيم بن موسى الجزري ،  قال: حدثنا القاضي المقدمي ، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب ،  قال: حدثنا قريش بن أنس ،  عن حبيب بن الشهيد ،  قال: كنت جالسا عند  إياس بن معاوية ،  فأتاه رجل فسأله عن مسألة فطول عليه ، فأقبل عليه إياس  فقال: إن كنت تريد الفتيا فعليك بالحسن  فإنه معلمي ومعلم أبي ، وإن كنت تريد القضاء فعليك بعبد الملك بن يعلى   -وكان على قضاء البصرة  يومئذ- وإن كنت تريد الصلح فعليك بحميد الطويل ،  وتدري ما يقول لك؟ يقول لك: حط عنه شيئا ، ويقول لصاحبك: زده شيئا؛ حتى يصلح بينكما ، وإن كنت تريد الشغب فعليك بصالح السدوسي ،  وتدري ما يقول لك؟ اجحد ما عليك ، وادع ما ليس لك ، وادع بينة غيبا . 
660 - زبيد اليامي:   
أدرك  ابن عمر  وأنسا ،  وكان عابدا ثقة دينا ، كان يقول  سعيد بن جبير:  لو خيرت  [ ص: 222 ] عبدا ألقى الله في صلاحه لاخترت زبيدا اليامي .  
أخبرنا  ابن الحصين ،  قال: أخبرنا  أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان ،  قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد المزكي ،  قال: حدثنا محمد بن المسيب ،  قال: حدثنا يوسف بن موسى ،  قال: حدثنا جرير ،  عن ابن شبرمة ،  قال: كان زبيد اليامي  يجزئ الليل ثلاثة أجزاء: جزءا عليه ، وجزءا على عبد الرحمن  ابنه ، وجزءا على عبد الله  ابنه ، فكان زبيد  يصلي ثلث الليل ثم يقول لأحدهما: قم ، فإن تكاسل صلى جزأه ، ثم يقول للآخر: قم ، فإن تكاسل صلى جزأه ، فيصلي الليل كله . 
أخبرنا محمد بن أبي القاسم  بإسناده عن سفيان ،  قال: كان زبيد  إذا كانت ليلة مطيرة أخذ شعلة من النار فطاف على عجائز الحي فقال: أولف عليكم بيت؟ أتريدون نارا؟ فإذا أصبح طاف على عجائز الحي: ألكم في السوق حاجة؟! أو: تريدون شيئا؟! 
قال أحمد:  حدثني  أبو سعيد الأشج ،  حدثني المجازي ،  عن سفيان ،  قال: دخلنا على زبيد  نعوده ، فقلنا: شفاك الله ، فقال: أستجير الله . 
توفي زبيد  في هذه السنة ، وكان طلحة  أسن منه بعشر سنين ، فاستوفى زبيد  عشر سنين ثم مات . 
661 - سيار بن دينار -ويقال: ابن وردان- أبو الحكم القسري:  
روى عن طارق] بن شهاب ،   والشعبي ،  وأبي وائل ،  وأبي حازم ،  وكان شديد الحزن كثير البكاء . وقال: إن الفرح بالدنيا والحزن بالآخرة لا يجتمعان في قلب عبد ، إذا سكن أحدهما القلب خرج الآخر . 
أنبأنا يحيى بن الحسين بن البناء ،  قال: أنبأنا أبو غالب محمد بن أحمد بن بشران ،  قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الحاجري ،  قال: أخبرنا محمد بن عثمان بن  [ ص: 223 ] سمعان ،  قال: أخبرنا أسلم بن سهل الرزاز ،  قال: حدثنا  وهب بن بقية ،  قال: أخبرني حسين بن زياد ،  قال: بعث بعض القضاة إلى سيار  بواسط ،  فأتاه فقال له: لم لا تجيء إلينا؟ فقال له: إن أدنيتني فتنتني ، وإن باعدتني غممتني ، وليس عندك ما أرجو ، ولا عندي ما أخافك عليه . ثم قام . 
قال أسلم:  وحدثني عبد الحميد بن بيان ،  قال: سمعت أبي يقول: خرج سيار بن يسار  إلى البصرة ،  فقام يصلي إلى سارية في المسجد الجامع ، وكان حسن الصلاة وعليه ثياب جياد ، فرأه  مالك بن دينار  فجلس إليه ، فسلم سيار ،  فقال له  مالك:  هذه الصلاة وهذه الثياب؟ فقال له سيار:  ثيابي هذه ترفعني عندك أو تضعني؟ قال: تضعك ، قال: هذا أردت ، ثم قال له: يا  مالك ،  إني لأحسب ثوبيك هذين قد أنزلاك من نفسك ما لم ينزلك من الله ، فبكى  مالك  وقال له: أنت سيار؟  قال: نعم ، فعانقه . 
وفي رواية: جاء  مالك  فقعد بين يديه . 
662 - عبد الملك بن حبيب ، أبو عمران الجوني:   
أسند عن  أنس ،  وجندب بن عبد الله ،  وعائذ بن عمرو ،  وأبي برزة ،  وكان عالما متعبدا . 
قال أبو بكر القرشي:  حدثني محمد بن الحسين ،  قال: حدثني أبو عمر الضرير ،  قال: حدثنا الحارث بن سعيد ،  قال: كان  أبو عمران الجوني  إذا سمع الأذان تغير لونه وفاضت عيناه . 
663 - عثمان بن أبي دهرش المكي:  
يروي عن رجل من الصحابة ، روى عنه ابن عيينة .  
أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ ،  قال: أخبرنا جعفر بن أحمد ،  قال: أخبرنا ابن  [ ص: 224 ] المذهب ،  قال: حدثنا أحمد بن جعفر ،  قال: حدثنا  عبد الله بن أحمد ،  قال: حدثني العباس بن محمد مولى بني هاشم ،  قال: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ،  عن  عبد الله بن المبارك ،  عن عثمان بن أبي دهرش:  أنه كان إذا رأى الفجر أقبل عليه تنبه وقال: أسير الآن مع الناس ولا أدري ما أجني على نفسي . 
وقال عثمان:  ما صليت صلاة قط إلا استغفرت الله عز وجل من تقصيري فيها . 
664 - مسلمة بن عبد الملك بن مروان ، كنيته أبو سعيد:  
كان شجاعا جوادا ذا رأي وحزم وفضل ، وغزا غزوات ، وكان حسن التدبير . 
قال: ما لمت نفسي على خطأ افتتحته بحزم ، ولا حمدتها على صواب افتتحته بعجز . 
وإنما زوت عنه بنو أمية؛  لأن أمه أم ولد . [توفي في هذه السنة] . 
 [ ص: 225 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					