[ ص: 207 ] والإحساس : الإدراك ببعض الحواس الخمس وهي : الذوق والشم واللمس والسمع والبصر ، يقال : أحسست الشيء وبالشيء ، وحسسته وحسست به ، ويقال : حسيت بإبدال سينه الثانية ياء ، وأحست بحذف أول سينه ، قال :
1307 - سوى أن العتاق من المطايا أحسن به فهن إليه شوس
قال : "ومما شذ من المضاعف - يعني في الحذف - شبيه بباب أقمت وليس بمتلئب ، وذلك قولهم : أحست وأحسن ، يريدون : أحسست وأحسسن ، وكذلك يفعل بكل بناء بني الفعل فيه ولا تصل إليه الحركة ، فإذا قلت : لم أحس لم تحذف " . وقيل : الإحساس : الوجود والرؤية يقال : هل أحسست صاحبك أي : وجدته أو رأيته . سيبويه
قوله : من أنصاري أنصار جمع نصير نحو : شريف وأشراف . وقال قوم : هو جمع "نصر " المراد به المصدر ، ويحتاج إلى حذف مضاف أي : من أصحاب نصرتي . و "إلى " على بابها ، وتتعلق بمحذوف ، لأنها حال تقديره : من أنصاري مضافين إلى الله ، كذا قدره . وقال قوم : إن "إلى " بمعنى مع أي : مع الله ، قال أبو البقاء : "وهو وجه حسن " . وإنما يجوز أن تجعل "إلى " في موضع مع إذا ضممت الشيء إلى الشيء ما لم يكن معه [ ص: 208 ] كقول العرب : "الذود إلى الذود إبل " أي : الذود ، بخلاف قولك : "قدم فلان ومعه مال كثير " فإنه لا يصلح أن تقول : وإليه مال ، وكذا تقول : "قدم فلان مع أهله " ولو قلت : "إلى أهله " لم يصح ، وجعلوا من ذلك أيضا قوله : الفراء ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم . وقد رد كونها بمعنى "مع " فقال : "وليس بشيء فإن " إلى "لا تصلح أن تكون بمعنى " مع "ولا قياس يعضده " . أبو البقاء
وقيل : "إلى " بمعنى اللام أي : من أنصاري لله ، كقوله : يهدي إلى الحق أي : للحق ، كذا قدره . وقيل : بل ضمن "أنصاري " معنى الإضافة أي : من يضيف نفسه إلى الله في نصرتي ، فيكون "إلى الله " متعلقا بنفس أنصاري ، وقيل : متعلق بمحذوف على أنه حال من الياء في "أنصاري " أي : من أنصاري ذاهبا إلى الله ملتجئا إليه ، قاله الفارسي . الزمخشري
قوله : الحواريون جمع حواري وهو الناصر ، وهو مصروف وإن ماثل مفاعل ، لأن ياء النسب فيه عارضة ، ومثله حوالي وهو المحتال ، وهذان بخلاف : قماري وبخاتي ، فإنهما ممنوعان من الصرف ، والفرق أن الياء في حواري وحوالي عارضة بخلافها في : "قماري وبخاتي " فإنها موجودة قبل جمعها في قولك : قمري وبختي .
والحواري : الناصر كما تقدم ، وذلك أن عيسى عليه السلام مر بقوم فاستنصرهم ودعاهم إلى الإيمان فتبعوه وكانوا قصارين للثياب ، فسمي كل من [ ص: 209 ] تبع نبيا ونصره : حواريا تسمية له باسم أولئك تشبيها بهم وإن لم يكن قصارا ، : "ابن عمتي وحواري من أمتي الزبير " ومنه أيضا : " وفي الحديث عنه عليه السلام في " هذا معنى كلام إن لكل نبي حواريا وحواريي الزبير وغيره من أهل اللغة . وقيل : الحواري هو صفوة الرجل وخالصته ، واشتقاقه من حرت الثوب أي : أخلصت بياضه بالغسل منه و سمي القصار حواريا لتنظيفه الثياب ، وفي التفسير : أن أتباع أبي عبيدة عيسى عليه السلام كانوا قصارين ، قال : "سمي أصحاب أبو عبيدة عيسى حواريين للبياض وكانوا قصارين ، قال : الفرزدق
1308 - فقلت إن الحواريات معطبة إذا تفتلن من تحت الجلابيب
يعني النساء " . قلت : يعني أن النساء لبياضهن وصفاء لونهن لا سيما المترفهات يقال لهن الحواريات ، ولذلك قال : "والحواري صفوة الرجل وخالصته ، ومنه قيل للنساء الحضريات : الحواريات لخلوص ألوانهن ونظافتهن ، وأنشد الزمخشري لأبي جلدة اليشكري :
1309 - فقل للحواريات يبكين غيرنا ولا يبكنا إلا الكلاب النوابح
انتهى . ومنه سميت الحور حورا لبياضهن ونظافتهن . والاشتقاق من [ ص: 210 ] الحور وهو تبييض الأثواب وغيرها . وقال : " هم الغسالون ، وهم بلغة النبط : هواري بالهاء مكان الحاء " ، قال الضحاك : " فمن قال بهذا القول قال : هذا حرف اشتركت فيه لغة العرب ولغة النبط ، وهو قول ابن الأنباري : إن الحواريين هم القصارون " . وقيل : هم المجاهدون كذا نقله مقاتل بن سليمان وأنشد : ابن الأنباري
1310 - ونحن أناس تملأ البيض هامنا ونحن الحواريون يوم نزاحف
جماجمنا يوم اللقاء تراسنا إلى الموت نمشي ليس فينا تجانف
قال : " والمختار من هذه الأقوال عند أهل اللغة أن هذا الاسم لزمهم للبياض " ، ثم ذكر ما ذكرته عن الواحدي . أبي عبيد
وقال : " حورت الشيء بيضته ودورته ، ومنه : الخبز الحواري ، والحواريون : أنصار الراغب عيسى ، وقيل : اشتقاقهم من حار يحور أي : رجع ، قال تعالى : إنه ظن أن لن يحور أي : لن يرجع ، فكأنهم الراجعون إلى الله تعالى ، يقال : حار يحور حورا أي : رجع ، وحار يحور حورا إذا تردد في مكان ، ومنه : حار الماء في الغدير ، وحار في أمره وتحير فيه وأصله : تحيور ، فقلبت الواو ياء فوزنه تفيعل لا تفعل ، إذ لو كان تفعل لقيل : تحور نحو : تجوز ، ومنه قيل للعود الذي عليه البكرة : محور لتردده ، ومحارة الأذن لظاهره المنقعر تشبيها بمحارة الماء لتردد الهواء بالصوت فيه كتردد الماء [ ص: 211 ] في المحارة ، والقوم في حور أي : في تردد إلى نقصان ، ومنه : "نعوذ بالله من الحور بعد الكور " وفيه تفسيران ، أحدهما : نعوذ بالله من التردد في الأمر بعد المضي فيه ، والثاني : نعوذ بالله من نقصان وتردد في الحال بعد الزيادة فيها . ويقال : حار بعد ما كار ، والمحاورة : المرادة في القول ، وكذلك التحاور والحوار ، ومنه : وهو يحاوره والله يسمع تحاوركما أي : ترادكما القول ، ومنه أيضا : كلمته فما رجع إلى حوار أو حوير أو محورة وما يعيش بحور أي : بعقل يرجع إليه ، والحور " : ظهور قليل بياض في العين من السواد ، وذلك نهاية الحسن في العين يقال منه : أحورت عينه ، والمذكر أحور ، والمؤنثة حوراء ، والجمع فيها حور ، نحو : حمر في جمع أحمر وحمراء ، وقيل : سميت الحور حورا لذلك وقيل : اشتقاقهم من نقاء القلب وخلوصه وصدقه ، قاله ، وهو راجع للمعنى الأول من خلوص البياض ، فهو مجاز عن التنظيف من الآثام وما يشوب الدين . أبو البقاء
والياء في حواري وحوالي ليست للنسب بل زائدة كزيادتها في كرسي .
وقرأ العامة " الحواريون "بتشديد الياء في جميع القرآن ، وقرأ الثقفي بتخفيفها في جميع القرآن ، قالوا : لأن التشديد ثقيل ، وكان قياس هذه القراءة أن يقال فيها : الحوارون ، وذلك أنه تستثقل الضمة على الياء المكسور ما قبلها فتنقل ضمة الياء إلى ما قبلها فتسكن الياء ، فيلتقي ساكنان [ ص: 212 ] فتحذف الياء لالتقاء الساكنين ، وهذا نحو : جاء القاضون ، الأصل : القاضيون ، ففعل به ما ذكر . قالوا : وإنما أقرت ضمة الياء عليها تنبيها على أن التشديد مراد لأن التشديد يحتمل الضمة كما ذهب والنخعي في " يستهزيون "إذ أبدل الهمزة ياء مضمومة ، وإنما بقيت الضمة تنبيها على الهمزة . الأخفش