الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (29) قوله تعالى : إلا أن تكون : في هذا الاستثناء قولان ، أحدهما : - وهو الأصح - أنه استثناء منقطع لوجهين ، أحدهما : أن التجارة لم تندرج في الأموال المأكولة بالباطل حتى يستثنى عنها ، سواء فسرت الباطل بغير عوض أو بغير طريق شرعي . والثاني : أن المستثنى كون ، والكون ليس مالا من الأموال . والثاني : أنه متصل ، واعتل صاحب هذا القول بأن المعنى : لا تأكلوها بسبب إلا أن تكون تجارة . قال أبو البقاء : "وهو ضعيف ، لأنه قال : " بالباطل " ، والتجارة ليست من جنس الباطل ، وفي الكلام حذف مضاف تقديره : إلا في حال كونها تجارة أو في وقت كونها تجارة " . انتهى . فـ "أن تكون " في محل نصب على الاستثناء وقد تقدم لك تحقيق ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الكوفيون : "تجارة " نصبا على أن "كان " ناقصة ، واسمها مستتر فيها يعود على الأموال ، ولا بد من حذف مضاف من "تجارة " تقديره : إلا أن تكون الأموال أموال تجارة ، ويجوز أن يفسر الضمير بالتجارة بعدها أي : أن تكون التجارة تجارة كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      1576 - ... ... ... ... إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 664 ] أي : إذا كان اليوم يوما ، واختار أبو عبيد قراءة الكوفيين . وقرأ الباقون "تجارة " رفعا على أنها "كان " التامة . قال مكي : "الأكثر في كلام العرب أن قولهم : إلا أن تكون في الاستثناء بغير ضمير فيها ، على معنى يحدث ويقع " . وقد تقدم القول في ذلك في البقرة .

                                                                                                                                                                                                                                      و عن تراض متعلق بمحذوف لأنه صفة لـ "تجارة " ، فموضعه رفع أو نصب على حسب القراءتين . وأصل "تراض " "تراضو " بالواو ، لأنه مصدر تراضى تفاعل من رضي ، ورضي من ذوات الواو بدليل الرضوان ، وإنما تطرفت الواو بعد كسرة فقلبت ياء فقلت : تراضيا . و "منكم " صفة لـ "تراض " فهو في محل جر ، و "من " لابتداء الغاية . وقرأ علي رضي الله عنه : "تقتلوا " بالتشديد على التكثير ، والمعنى : لا يقتل بعضكم بعضا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية