الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيه: في الأحاديث السابقة أن الله تعالى حرم مكة . ولا يخالف ذلك ما رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي وغيرهم، عن جابر بن عبد الله - رضي الله تعالى عنهما - إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن إبراهيم حرم مكة ، وإني حرمت المدينة"

                                                                                                                                                                                                                              لأن المعنى: أن إبراهيم حرم مكة بأمر الله تعالى لا باجتهاده، أو أن الله قضى يوم خلق السماوات والأرض أن إبراهيم سيحرم مكة . أو المعنى: أن إبراهيم أول من أظهر تحريمها بين الناس وكانت قبل ذلك عند الله حراما، وأول من أظهره بعد الطوفان.

                                                                                                                                                                                                                              وقال القرطبي معنى الأحاديث السابقة: أن الله تعالى حرم مكة ابتداء من غير سبب ينسب لأحد. ولا لأحد فيه مدخل، ولأجل هذا أكد هذا المعنى بقوله: "ولم يحرمها الناس".

                                                                                                                                                                                                                              والمراد بقوله: ولم يحرمها الناس أن تحريمها ثابت بالشرع لا مدخل للعقل فيه. أو المراد: أنها من محرمات الله تعالى فيجب امتثال ذلك، وليس ذلك من محرمات الناس، يعني في الجاهلية كما حرموا أشياء من عند أنفسهم، فلا يسوغ الاجتهاد في تركه. وقيل معناه: أن حرمتها مستمرة من أول الخلق وليس مما اختصت به شريعة النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 208 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية