الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - واستدل بنحو : " إن المدينة طيبة تنفي خبثها " وهو بعيد . وبتشبيه [ عملهم ] بروايتهم .

            ورد بأنه تمثيل ، لا دليل . مع أن الرواية ترجح بالكثرة بخلاف الاجتهاد .

            التالي السابق


            ش - استدل على مذهب مالك بوجهين : أحدهما قوله - عليه السلام - : " إن المدينة طيبة تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد " .

            [ ص: 567 ] وطيبة ، على وزن شيبة ، اسم من أسماء المدينة . وقوله - عليه السلام - : " إن الإسلام ليأرز إلى المدينة كما يأرز الحية إلى جحرها " أي ينضم إليها ويجتمع بعضه إلى بعض فيها .

            ووجه التمسك بالأول أن الخطأ ، خبث ، فيكون منفيا عن أهل المدينة ، فيكون إجماعهم حجة .

            وبالثاني أنه يدل على أن المدينة مستقر الإسلام وملجؤه ، فيكون إجماع أهلها حجة .

            أجاب المصنف بأن هذا الاستدلال بعيد ; فإن الحديث الأول ورد لطائفة كرهوا الإقامة بالمدينة ، فيكون نفي الخبث إشارة إلى نفي تلك الطائفة ، لا إلى الخطأ . ولأنه لا يدل على أن إجماع أهل المدينة دون غيرهم حجة .

            ولأن الخبث لا يمكن حمله على الخطأ بطريق العموم ; لأنا نقطع [ ص: 568 ] بخطأ بعض أهل المدينة . وإذا لم يفد العموم لم يكن حجة . والحديث الثاني لا يدل إلا على فضل المدينة ، ولا يلزم منه أن قول أهلها بدون غيرهم حجة .

            الوجه الثاني أن رواية أهل المدينة متقدمة ، أي راجحة على رواية غيرهم ، فيكون عملهم ، أي اجتهادهم متقدما ، أي راجحا على اجتهاد غيرهم قياسا عليها ، فيكون إجماعهم حجة .

            أجاب المصنف بأن قياس اجتهادهم على الرواية تمثيل ، لا دليل فيه ; لأنه يكون مجردا عن الوصف الجامع ، فلا يكون مفيدا ، مع أن الفرق بين الرواية والاجتهاد قائم ; فإن الرواية ترجح بكثرة الرواة ، بخلاف الاجتهاد فإنه لا يرجح بكثرة المجتهدين .




            الخدمات العلمية