الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - وأما الإجازة للموجود المعين . فالأكثر على تجويزها .

            والأكثر على منع : " حدثني وأخبرني " مطلقا . وبعضهم ، ومقيدا .

            وأنبأني ، اتفاق للعرف . ومنعها أبو حنيفة وأبو يوسف ، رحمهما الله تعالى .

            [ ص: 730 ] ولجميع الأمة الموجودين ، الظاهر قبولها ، لأنها مثلها . وفي نسل فلان ، أو من يوجد من بني فلان ، ونحوه ، خلاف واضح . لنا أن الظاهر أن العدل لا يروي إلا بعد علم أو ظن ، وقد أذن له .

            وأيضا فإنه - عليه السلام - كان يرسل كتبه مع الآحاد ، وإن لم يعلموا ما فيها . قالوا : كذب ; لأنه لم يحدثه . قلنا : حدثه ضمنا ، كما لو قرئ عليه . قالوا : ظن ، فلا يجوز الحكم به كالشهادة . قلنا : الشهادة آكد .

            التالي السابق


            ش - وأما المستند الرابع : الإجازة . وهي إما لموجود معين ، مثل أن يقول الشيخ للراوي المعين : أجزت لك أن تروي عني ما في هذا الكتاب . فالأكثر على تجويز الرواية بها .

            وأما كيفية الإجازة بالرواية ، فالأكثر على منع " حدثني " و " أخبرني " مطلقا ، لإخباره بصريح نطق الشيخ ، فيكون كذبا ; لأنه لم يصرح به . وذهب بعضهم إلى منعه مقيدا أيضا .

            [ ص: 731 ] وأما " أنبأني " فيصح الرواية به باتفاق المجوزين ; لأن الإنباء يطلق على هذا بحسب العرف .

            ومنع أبو حنيفة وأبو يوسف - رحمهما الله تعالى - الرواية بالإجازة . وأما الإجازة لجميع الموجودين ، مثل أن يقول : أجزت لجميع الأمة الموجودين أن يرووا عني كذا . فالظاهر أنه يقبل؛ لأنها مثل الإجازة لموجود معين .

            وأما إذا قال الشيخ : أجزت نسل فلان ، أو أجزت لمن يوجد من [ بني ] فلان ، ففيه خلاف واضح . لأن إجازة الموجود المعين إذا كانت مختلفا فيها ، كان إجازة الغير الموجود أولى بأن يختلف فيها .

            والدليل على جواز الرواية بالإجازة أن الظاهر أن الراوي أي المخبر العدل لا يروي إلا بعد العلم أو الظن بصحة ما أجاز به ، وأنه قد أذن له أن يروي ، فيحصل ظن صحة ما أجازه ، فيجوز الرواية .

            وأيضا الرسول - عليه السلام - بعث كتبه مع آحاد الصحابة إلى أطراف البلاد ، وأوجب على المبعوث إليهم قبولها ، وإن لم يعلم المبعوثون ما في كتبه . فلو لم يجز الرواية بالإجازة ، لما جاز قبول كتبه ; لأن الظن الحاصل في الإجازة أقوى من الظن الحاصل في الكتاب .

            قال الخصم : لا يجوز الرواية بمجرد الإجازة ; لأن الإجازة لا تكون إخبارا بالحديث . فلو قال الراوي : أخبرني وحدثني ، كان كذبا ; لأنه لم يحدثه .

            [ ص: 732 ] أجاب المصنف بأن الإجازة وإن لم تكن صريح الإخبار بالحديث ، إلا أنه إخبار به ضمنا ، كقراءة الراوي على الشيخ ، فإنه وإن لم يكن إخبارا بالحديث صريحا ، لكنه إخبار به ضمنا .

            وقال الخصم أيضا : الرواية بمجرد الإجازة ظن ، فلا يجوز الحكم به ، كالشهادة ، فإنها لا يجوز الحكم بها ، إذا كانت ظنا . والجامع بينهما كون كل منهما يوجب الحكم الشرعي .

            أجاب بالفرق ، [ فإن ] الشهادة آكد من الرواية ، ولهذا اشترط الحرية في الشهادة دون الرواية .




            الخدمات العلمية